كيري وحقيبته الفارغة ... بقلم د.مازن صافي
قبل عام التقطت صورة لوزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، يحمل كيس من البلاستيك، بينما كان في أحد مطارات الولايات المتحدة في طريقه إلى الطائرة التي ستقله لمصر للمشاركة في مؤتمر "إعادة إعمار غزة".، وبعض التخمينات قالت "يومها" أنه لأن الرحلة من واشنطن إلى القاهرة تستغرق مابين 10 ساعات إلى 12 ساعة، والطريق طويل ومجهد، ربما لذلك اضطر كيري للمرور على متجر "سيفواي" الأمريكي، قبل الرحلة، ليشتري بعض المسليات قبل الصعود إلى الطائرة، لتمضية الوقت.
اليوم تتناقل وسائل الإعلام خبراً يتحدث عن "إمكانية" قدوم كيري للمنطقة، ونقل عن لسانه أن هدف زيارته هو لتجنب العنف، وقف التصعيد، منع الخطب الحماسية ، والاتهامات والأفعال، وإبداء قلقه الكبير تجاه الأحداث، وبينما الرئيس الأمريكي أوباما يقول "ندين بأشد العبارات العنف الذي يطال الأبرياء ونعتقد أن من حق إسرائيل أن تحفظ القانون والنظام وتحمي مواطنيها من الهجمات بالسكاكين والعنف في الشوارع".
كل هذه العاطفة الجياشة تجاه المحتل الإسرائيلي وإدارة الظهر للضحية الفلسطيني تعني وبدون مقدمات أن زيارة كيري ومساعيه التي قد تصبح مكوكية ستصل إلى الفشل، وبالتالي يصبح هناك حاجة ماسة وحقيقية وسريعة لتدخل المجتمع الدولي بهدف إعادة الاعتبار للقانون الدولي ومعاقبة الجناة من الإسرائيليين الذين أصبحوا يمارسون القتل والإعدام بدم بارد ومن نقطة الصفر من أجل إرهاب شعب خرج ليقاوم ويعلن حقه في الحياة والاستقرار والحرية والدولة وفوق كل ذلك عاصمته المقدسة القدس وكل الأماكن المقدسة فيها، وإنهاء الاحتلال الغاشم والعنصري والظالم الذي تسبب ولا يزال في كل الكوارث والنكبات والدماء .
القوالب اللفظية التي نطق بها كيري والرئيس اوباما، لم تصل لمستوى الحدث حيث أكثر من أربعين شهيدا والآلاف من الجرحى ومئات المعتقلين وتدمير للمقدرات الفلسطينية، فلا وضوح في خطوات أو برنامج وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ولا إجابات حول تساؤلات فلسطينية مشروعة وفي نفس الوقت فإن الإدارة الأمريكية لا تملك الرغبة في ممارسة القوة الحقيقة و الصادقة لإجبار إسرائيل على وقف الاستيطان، وإعلان الموافقة على الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس، وإنهاء الاحتلال، وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وان يسيطر الفلسطينيون على كافة موارد الدولة وان تمارس مسؤولياتها إزاء العلاقات الإقليمية والدولية بما يخدم مشروع الاستقرار في المنطقة.
الإدارة الأمريكية كل ما تبحث عنه هو العودة للمفاوضات وإخماد صوت الحق الفلسطيني المتصاعد ( #غضبة_القدس ) والذي يعلنه بوضوح جيل ولد في سنوات الانتظار للتحرر وكانت الإدارة الأمريكية فاشلة كل مرة أمام الامتحان، فهي لازالت تمارس الانحياز الكامل للاحتلال، وتعمل على حمايته وإفشال أي قرار دولي تجاه القضية الفلسطينية.
إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي قال وبوضوح (لا) 12 مرة للإدارة الأمريكية، فإنه لن يجامل أحد على حساب دماء الشهداء، وأنات الجرحى وعذابات المعتقلين، وهو قالها وبوضوح بأن أسلوب الإملاء والهيمنة مرفوض لأنه هدفه إضعاف موقف القيادة الفلسطينية أمام شعبها، وهذا ما تفهمه القيادة وتعمل من خلاله، ولن ترهبه ما تقوم به او تهدد به، وتقوله وتدعيه الحكومة الاسرائيلية اليمينية المتطرفة والتي تمارس القتل اليومي ضد شعبنا.
ملاحظة: هل ستلتقط صورة أخرى لوزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، يحمل كيس من البلاستيك، في طريقه إلى الطائرة التي ستقله للمنطقة للمشاركة في إلقاء المواعظ وسط منطقة مليئة بالدماء .