دفاع إسرائيل عن نفسها ضد من؟ حسن سليم
"دفاع إسرائيل عن نفسها حق لها"، كما أعلنت الإدارة الأميركية، لكنها لم تخبرنا عن هذا الدفاع يكون ضد من؟ ضد شعب يقع تحت احتلالها، ويقضي من شبابه وأطفاله وشيوخه ونساءه أكثر من ستة آلاف في المعتقلات؟ ويقضم الاستيطان يوميا منه آلاف الدونمات؟ ويعيش في سجن كبير؟ ضد شعب تنازل عن عذابات محفورة على جلده وفي وعيه مقابل أن تحيا أجياله القادمة بأمن وسلام؟ ضد شعب يسقط منه يوميا شهداء من خيرة شبابه لمجرد أنهم يرفضون الذل والاهانة؟ ضد شعب ضاع أكثر من ثلاثة أرباع وطنه، فيما لا يطلب أكثر من سلام ودولة صغيرة على اقل من الربع من أرضه؟
موقف الإدارة الأميركية المنحازة كما هو دائما للولاية الواحدة والخمسين"إسرائيل"، هذا، يحمل رسالة إصرار على عدم تغيير موقفها بدعم الاحتلال وسياسته العنصرية، وبمعارضة لما أجمعت عليه وأقرته الشرعية الدولية بتطبيق الشق الثاني من قرار التقسيم الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (181) بإقامة دولتين، واحدة قامت وأصبحت عظمى وكبيرة بنفوذها وعربدتها في المنطقة، وأخرى صغيرة لم تقم على ما تبقى من القليل من الأرض. كما يشير هذا الموقف بوضوح الى أن الإدارة الاميركية لا مكان لها إلا في معسكر الشر، وهي تقتل الامل وان كان ضعيفا، بان تغيرا ايجابيا سيطرأ على سياستها الخارجية التي اثبت فشلها في الشرق الاوسط، في ظل ما يشهد العالم من تغيرات وثورات نحو التحرر والانعتاق من الاستعباد، والخلاص من الاحتلال، بل تمعن في تحصين عش الدبابير وتغذيته، داعش في العراق وبلاد الشام، واحتلال داعشي في فلسطين.
وكان المتوقع من اوباما القادم من صحراء التمييز ضد بني لونه، وكأول رئيس من أصول أفريقية يصل للبيت الأبيض، والدارس للحقوق، والحاصل على جائزة نوبل للسلام لعام 2009 نظير جهوده في تقوية الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب، وعراب مناهضة التمييز كما كان يدعي، ان يكون أمينا لما لادعائه ولما تعلم من مبادئ في حقوق الإنسان، ولمبررات جازة نوبل للسلام التي حصل عليها، قبل ان يتفوه بحق دولة محتله ان تدافع عن نفسها ضد شعب اعزل اثخنته الجراح.
ان ما قدمه الفلسطينيون من اعتراف بدولة إسرائيل، كان حلما بعيد المنال بالنسبة لها، وما حصلت عليه من اتفاقات المفروض ان تكون طرفا ملتزما بها، وما تقوم به يوميا من قتل ونهب للأرض واعتداء وتدنيس للمقدسات، لم يبق للفلسطينيين لاستعادة حقوقهم سوى المقاومة سبيلا وحيدا، ولا سيما ان إسرائيل تريد من المفاوضات كسبا للوقت حتى تنتهي من مشروعها التوسعي على كامل الأرض.
تخطئ الولايات المتحدة، وربيبتها دولة الاحتلال الإسرائيلي، ان اعتقدت واهمة ان ما حدث مع الهنود الحمر وقيام دولة على أنقاضهم، يمكن تكراره مع الفلسطينيين، وتكون قد أخطأت أيضا بأنها لم تقرأ التاريخ جيدا، بان الاحتلالات على مدار المئة عام الماضية لم تتمكن من تذويب الهوية الوطنية للفلسطينيين، وان نظرية غولدا مائير بأن "الكبار يموتون والصغار ينسون" لن تتحقق، بل يثبت الفلسطيني كل يوم بأنه ليس فقط لا ينسى، بل لا يموت، ويخرج دائما متجددا من تحت الرماد كطائر الفينيق.