" تأبى الرِّماحُ إذا اجتمعنَّ تكسُّراً ... وإذا افتــــرقَنّ تكــسّرتْ آحادا " - فراس الطيراوي
بادئ ذي بدء أحب أن أستهل مقالتي هذه بآية كريمة هي من معاريف وحي الله الطاهر القرآن الكريم فاسمعوا إلى قوله تعالى (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً)، هل وحدة الميدان ستفرض الوحدة على بعض الحيتان ؟؟؟؟ الذين يقولون وبالفم المليان لا مجال للمصالحة ؟؟؟ لا مجال للوحدة لان لكل منا برنامجه ؟؟؟ عن اي برنامج يتحدث او يتحدثون ؟؟؟ نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً ؟؟؟ فرق كبير بين قولنا (العمل الذي لا ينقطع) وقولنا (الكلام الذي لا ينقطع)، لأن عدم انقطاع العمل دليل على العطاء، وقوّة العزيمة، وعلوّ الهمّة، وقدرة الإنسان على تحقيق أهدافه ، أما عدم انقطاع الكلام فهو دليل على الثرثرة، وضعف العزيمة، وقصور الهمة، ولا شك أنّ الفرق بين الأمرين كالفرق بين المشرق والمغرب إشراقاً وظلاماً.
لا داعي للادعاء والمراوغة والبيع والشراء في سوق ما عاد يجدي فيه البيع والشراء ، وحده الدم المهدور يصرخ و يقول هذا حرام يا ناس !!.. وحده الدم الذي ملأ الشوارع والطرقات والبيوت وأروقة الزمان يصرخ ويقول هذا الكلام غير منطقي .. لكن من يسمع ومن يعي ومن يجيب ، رحم الله الشاعر الذي قال : لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيا ... ولكنْ لا حياة َ لمنْ تنادي.
اكثر ما يحزنني وغيري كثيرون وخاصة في هذه الفترة بالذات التي تمر بها قضينا الوطنية وامام هذا الصمود الأسطوري المبلل بالدم الطاهر هو عدم هو وحدة الكلمة والصف والتعالي على الجراح ، وانهاء الانقسام المعيب والبغيض، وهذا كله من اجل الانتصار الى الحزب او الفصيل، أليس حريا بنا الانتصار لفلسطين أولاً !!!.. وفي نفس الوقت كم يسعدني وغيري كثيرون رؤية هؤلاء الشباب الذين أعلنوا وحدتهم وحبهم لله والوطن في الميدان، وأعلنوا وبالفم المليان ايضا أن قبلتهم فلسطين وبوصلتهم القدس وليس الحزب او الفصيل بغض النظر عن الانتماء لهذا الفصيل او ذاك.
اليس واجب على القائد او الزعيم السياسي وخاصة عندما يكون من قيادت الصف الأول تعزيز الوحدة الوطنية وخاصة في هذا الوقت بالذات ونشر المحبة والألفة بين أبناء الوطن، ونبذ العنف والشقاق والخلاف، ونشر لغة المحبة والتسامح والترابط والتكاتف، لأنها جزء مهم من قيمنا الوطنية وهي من القيم التي يحتاجها مجتمعنا كباراً وصغاراً، كيف لا وقد أمرنا ديننا الإسلامي الحنيف بإزالة الأذى من الطريق ونشر الابتسامة بيننا وان كل نفس ورطبة فيها صدقة.. وان الابتسامة في وجه الآخر صدقة، وان رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام هو خير قدوة لنا، كما أننا مطالبون بنشر لغة التسامح بيننا، وان الله بعثنا مبشرين وليس منفرين. وان شعارنا الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة. وان ننشر لغة الحوار بيننا كأفراد وجماعات. وان نشعر أبناءنا بأن الوطن هو وطن الجميع، لأن من يعيش على أرض هذا الوطن وفي الشتات ايضا، له الحق في المشاركة في بناء حضارته والمساهمة في التفاعل مع مجتمعه وان كل منا عليه واجبات وله حقوق.
وفي الختام أليس الله هُو خير القائلين في محكم كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل (( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم )) ، والحديث الشريف الذي يقول (( (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد إذا اشتكى منه شيء تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).رواه البخاري ومسلم ... والشاعر الذي قال :( تأبى الرماح اذا اجتمعن تكسراً.. واذا افترقن تكسرت آحادا) ... ان ما يؤلم حقاً هو استمرار الانقسام وتغذيته فالمطلوب إنهاءه وتعزيز الوحدة الوطنية وتنفيذ كافة الاتفاقيات الموقعة من دون تلكؤ أو مماطلة او تهرب او خضوع لضغوط خارجية واستعادة وحدة الجغرافيا والديموغرافيا الفلسطينية على قاعدة الشراكة الوطنية والمقاومة التي عمدت طريقها بدماء الشهداء الابرار، وعذابات الجرحى الأبطال، وآهات الاسرى البواسل التي لن تغفر لأحد أية ذرائع او حجج للتراجع عنها.
فالنضال الفلسطيني او الانتفاضة المجيدة او غضبة القدس يجب ان لا تتوقف، يجب تحشيد الطاقات وكل الإمكانيات من اجل تصعيد نضالنا الوطني في مواجهة المحتل الغاشم بكافة الطرق والوسائل عبر كل أدوات النضال والمقاومة الشعبية وتكثيف حالة الاشتباك السياسي والدبلوماسي والقانوني، والانحياز للقضية والشعب والأرض وليس الفصيل او الحزب، حتى تبقى البوصلة واضحة والخروج من مرحلة اليأس والانكفاء على الذات، فعدونا واحد، ودمنا واحد، ونحن شعب واحد، وهدفنا واحد، وان تحرير فلسطين سيبقى دائماً وابداً هو الهدف الأساسي لكل المناضلين من اجل الحرية والكرامة. الف تحية لقوافل الشهداء الابرار، والحرية للأسرى ليكملوا مسيرة الثورة والحرية، وألف تحية لجماهير شعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات، والنصر آتٍ بإذن الله.