نتنياهو يكذب أكثر مما يتنفس - حسن سليم
يقال إن "من يسرق إبرة يسرق جَملا"، لكن كذبة نتنياهو الأخيرة بان الحاج أمين الحسيني هو من حرض هتلر على حرق اليهود، قلبت المثل ليكون أن "من يسرق الجَمل لا يتورع عن سرقة إبرة"، ومن يكذب كذبة صغيرة، ما الذي يمنعه من تأليف كتاب من الأراجيف، التي يعتقد أنها كلمة السر لبقائه، وبقاء كيانه.
بعد اليوم لم يعد من مبرر للعالم أن يصدق نتنياهو، بل أن يقبل لمجرد الاستماع إليه بعد حالة الهوس والهستيريا التي دخل بها، والهذيان الذي لجأ إليه ومعه قادة كيانه الى تزوير الهوية والتاريخ والرواية، حتى الكتاب المقدس لم يسلم من تزويرهم، وذلك خدمة لأغراض سياسية، لكن ما يميز كذبته هذه المرة، أنه حتى أبناء جلدته عبروا عن اشمئزازهم وذهولهم من إقدامه على هكذا مغامرة من رفع وتيرة الكذب والتدليس، حيث علق زعيم المعارضة في دولة الاحتلال، يتسحاق هيرتسوغ، على اتهام نتنياهو بأنها محاولة لتزوير التاريخ، وبأنها تشويه تاريخي خطير يجب تصحيحه فورا، وبأن على نتنياهو أن يكون دقيقا فيما يتعلق بالتاريخ، فيما قالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة عضو الكنيست تسيبي ليفني من قائمة "المعسكر الصهيوني" معلقة على كذب نتنياهو انه حول إسرائيل إلى غيتو ضعيف.
كذبة نتنياهو الأخيرة المفضوحة تفتح الباب أمام كل الباحثين للغوص في كل ما كان قد قيل بحق دولة الكيان وتاريخه، منذ قيامه، للتحقق من كل حرف قيل عنه وفيه، أما فيما يخص اتهامه للحاج أمين الحسيني، بانه من نصح هتلر بحرقهم بدلا من طردهم، خوفا من مجيئهم الى فلسطين، وذلك استمكالا منه لجهده في شيطنة الفلسطينيين، وهذه المرة لتبرئة من اعترفت المانيا باجرامه، واقرت في وثائقها وكتبها أن المانيا النازية بدأت بتصفية حساباتها مع اليهود قبل 3 سنوات من بدء علاقتها مع الحاج أمين الحسيني الذي زار ألمانيا أول مرة في شهر تشرين لأول من العام 1941 في حين أن المؤرخين وحتى اليهود يجمعون بأن البداية العملية "للهولوكوست" بدأت في ليلة التاسع من تشرين ثاني من العام 1938.
ليبرمان كان قد سبق رئيس حكومته بإدخال اصطلاح الإرهاب السياسي لوصف الحراك السياسي والنشاط الدبلوماسي للرئيس أبو مازن في أروقة الأمم المتحدة وفي عواصم العالم، بل وأضاف الأخير وصفا أخر بالاتهام لشخص الرئيس بأنه من أنصار "داعش"، وسبقته محاولات كثيرة لربط النضال الفلسطيني بالإرهاب لتشويهه، ولاستدرار عطف يهود العالم لمؤازرته، وسعيا منه للهروب من محاكمة قادمة على جرائمه التى ترتقي الى جرائم حرب ضد الإنسانية المعاقب عليها وفقا للقوانين الدولية.
بالطبع معروف لماذا انجرف نتنياهو وعصابته الى هذا المربع بأراجيفه، فقد أصبح عاجزا عن مواجهة الحق والحقيقة الفلسطينية التي أصبحت راسخة في وعي العالم ووجدانه، وان لم يعبر عن ذلك صراحة.
وبالطبع أصبح العالم يعلم من هي الدولة التي قامت بحرق الأحياء غير الدولة النازية وعصابة داعش، وهي دولة الاحتلال الإسرائيلي، واخر جرائمها حرق الطفل محمد ابو خضير وعائلة دوابشة، مما يوجب وضعها في مصاف عصابات الإجرام، بل هي أكثر من تستحق وصف النازية والدعشنة لما نفذت من جرائم حرق الأحياء. أما الموقف السياسي لدولة الاحتلال المصاب بالهستيريا، انما يوجب علينا كفلسطينيين الاستمرار في الهجوم السياسي على دولة الباطل، في ظل هذا العنف غير المسبوق لدولة اعتمدت نهج العصابات ضد مدنيين عزل.
شواهد كثيرة في خطاب قادة الكيان توضح أن الأسهل للتعرف على من يكذب، لا أن يتم تعداد وحصر كذبهم، بل الأسهل حصر ما صدقوا به، على مدار العقود الماضية، وهو قليل، هذا إن وجد، لأنه كيان بمن يتزعمه، يكذب أكثر مما يتنفس.