وداع الشهداء وعودة الحياة- حسن سليم
عودة جثامين الشهداء الى مثواها الاخير، محمولين على الاكتاف بجنائز عسكرية مهيبة، بعد احتجاز دولة الاحتلال لها، لم تكن مجرد جنائز لدفن الموتى، ولم يكن الامر مجرد واجب دفن يتبعه عزاء لذويهم.
وقد اخطأت دولة الاحتلال وما زالت، وهي تحتجز البقية منهم، ظنا منها انها تضغط على الفلسطينيين، وعلى عوائل الشهداء خاصة، وتكسر شوكتهم، وبأنها ستنال من عزائمهم.
ففي وداع الشهداء في فلسطين الأمر مختلف، حيث تنبعث الحياة من جديد، ويحيا الأمل بان ساعة الخلاص قد اقتربت، وبأن الفلسطيني كما طائر الفينيق ينبعث من جديد من تحت الرماد، وما خروج عشرات الآلاف في الخليل لوداع شهدائهم الا دلالة واضحة على ذلك، وبرهانا على ان الراية لا تسقط، بل يتم انتقالها من جيل الى جيل، بعد اداء القسم، وتجديد العهد على ان يستمر الكفاح حتى كنس الاحتلال.
وفي وداع الشهداء الذين جمعوا هذا الحشد المزلزل تحت علم واحد، وشعار واحد، جسد وحدة وطنية للكل الفلسطيني، الذي طالما راهن الاحتلال على تفسخها، ظهرت عودة الحياة للفسطيني الذي لا يقبل ان يكون صراعه الا مع الاحتلال، وبان اي انحراف للبوصلة يشير الى الشبهة، وهنا يكمن الخطر.
واكد الفلسطيني ايضا في وداع الشهداء اهمية استعادة الوحدة لمواجهة محتل لا يفرق بين الفلسطينيين، بل يتوحد بجيشه ومؤسساته واعلامه ضد كل من يحمل الهوية الفلسطينية في وجدانه، ما يستدعي استدعاء الهمة التي فترت بانتظار ما ستتمخض عنها المفاوضات، التي اعلنت دولة الاحتلال بممارساتها واجرامها انها غير صادقة بسلكها لانهاء الصراع، وكانت تحت الطاولة تلعب "الثلاث ورقات" باستيطانها وتهويدها، فضربت عرض الحائط كل ما وقعت عليه.
كثيرة هي الرسائل التي حملتها جنائز الشهداء وارسلتها لنا، لكن بالطبع لا نطمع بالمزيد من وداع الشهداء حتى نتحرر، ونستعيد الحياة، بل نريد الحياة للكل، وليس لنا فقط، ونريد الهمة عالية، دون ان ندفع ثمنها دما، فقد نزفنا ما يكفي لري اوطانا بأكملها، ولا زلنا بانتظار تحرر الوطن.
ومثلما لا نطمع بالمزيد من الدم ان ينزف، فان الطمع كبير ان تكون رائحته الزكية قد وصلت حواسنا الخمسة، حتى يتمثل لنا الشعور بالخجل، ونحن منقسمون على انفسنا، مختلفون على وطن ممزق، متنازعون على سلطة تحت الاحتلال، دون ان نقيم وزنا لدماء من سقطوا شهداء.
فهل وصلت رسائل الشهداء؟
Hasan.media@yahoo.om