الجنائية الدولية إختصاصها تكميلي للقضاء الوطني - حنا عيسى
ان القانون الدولي الجنائي كفرع من القانون الدولي العام يعطي الحق لمتضرري الحرب " كل الحق القانوني بالتوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة مجرمي الحرب" ومن هنا فانه من الواجب التعريف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة مجرمي الحرب وفي كيفية رفع الشكوى الجزائية في المحكمة الجنائية الدولية ضد المسؤوليين عن تلك الجرائم.
المادة الخامسة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية قد عددت جرائم الحرب كطائفة من الطوائف الجرائم التي تختص المحكمة بمحاكمة مرتكبيها, وكانت المادة الثامنة من النظام الأساسي قد حددت جرائم الحرب التي تختص المحكمة الجنائية بمحاكمة الفاعلين لها، وانه من المتعين الانتباه إلى أن المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة مجرمي الحرب هو اختصاص تكميلي للقضاء الوطني, بحيث إذا تصدى القضاء الوطني لمحاكمة مجرمي الحرب فلا يكون هناك من سبيل لإجراء المحاكمة أمام القضاء الجنائي الدولي إلا إذا تبين للمحكمة الجنائية الدولية أن السلطات الوطنية غير راغبة أو غير قادرة فعلا على القيام بإجراءات التحقيق و الاتهام.
ومسالة تحديد المقصود بعدم الرغبة أو عدم القدرة كانت مثارا للجدل و الخلاف أثناء مداولات مؤتمر روما الدبلوماسي في عام 1998, حيث ذهب البعض إلى أن استخدام عبارتي " غير راغبة "وغير قادرة "يضيق ويحد من اختصاص المحكمة لانهما عبارتان يغلب عليهما المعيار الشخصي الواسع, ولا تنطويان على معيار موضوعي محدد, ثم فقد نادى أنصار هذا الاتجاه بتفضيل استخدام عبارة "غير فعالة"بدلا من عبارة "غير راغبة", وعبارة "غير متاح"بدلا من "غير قادرة".
وعبارة "غير فعالة " تعود على الإجراءات القضائية أمام القضاء الوطني, أما عبارة "غير متاح " فتعود على النظام القضائي الوطني ككل. وحتى تتوصل المحكمة الدولية أن دولة ما غير راغبة يجب أن تحدد نية السلطات الوطنية. ولكي تتوصل إلى أن الدولة "غير قادرة"فيجب أن تتبين انه بالنظر إلى الانهيار الجزئي أو الكلي للنظام القضائي الوطني, أصبحت الدولة غير قادرة على الاضطلاع بالإجراءات القضائية.
وقد نصت المادة 17 من النظام الأساسي للمحكمة على انه:
"مع مراعاة الفقرة 10 من الديباجة و المادة 1 وتقرير المحكمة أن الدعوى غير مقبولة في حالة ما:
(أ) إذا كانت تجري التحقيق أو المقاضاة في الدعوى دولة لها ولاية عليها, ما لم تكن الدولة غير راغبة في الاضطلاع بالتحقيق أو المقاضاة أو غير قادرة على ذلك.
(ب) إذا كانت قد أجرت التحقيق في الدعوى دولة لها ولاية عليها وقررت الدولة عدم مقاضاة الشخص المعني, ما لم يكن القرار ناتجا عن عدم رغبة الدولة أو عدم قدرتها حقا على المقاضاة.
(ت) إذا كان الشخص المعني قد سبق أن حوكم على السلوك موضوع الشكوى, ولا يكون من الجائز للمحكمة أجراء محاكمة طبقا للفقرة 3 من المادة 20.
إذا لم تكن الدعوى على درجة كافية من الخطورة تبرر اتخاذ المحكمة إجراء آخر.
2- لتحديد عدم الرغبة في دعوى معينة, تنظر المحكمة في مدى توافر واحدا أو أكثر من الأمور التالية, حسب مع مراعاة أصول المحاكمات التي يتعرف بها القانون الدولي:
(أ) جرى الاضطلاع بالإجراءات آو يجري الاضطلاع بها أو جرى اتخاذ القرار الوطني يغرض حماية الشخص المعني من المسئولية الجنائية عن جرائم داخلة في اختصاص المحكمة على النحو المشار إليه في المادة 5.
(ب) حدث تأخير لا مبرر له في الإجراءات بما يتعارض في هذه الظروف مع نية تقديم الشخص المعني للعدالة.
(ج) لم تباشر الإجراءات أو لا تجري مباشرتها بشكل مستقل أو نزيه أو بوشرت أو ترجى مباشرتها على نحو لا يتفق, في هذه الظروف, مع نية تقديم الشخص المعني للعدالة.
3- لتحديد عدم القدرة في دعوى معنية, تنظر المحكمة فيما إذا كانت الدولة غير قادرة, بسبب انهيار كلي أو جوهري لنظامها القضائي الوطني أو بسبب عدم توافره, على إحضار المتهم أو الحصول على الأدلة و الشهادة الضرورية أو غير قادرة لسبب آخر على الاضطلاع بإجراءاتها ".