مخيم قلنديا "اخلع نعليك فترابها من دمائهم" - شيرين صندوقة
بحوار سابق مع صديقتي – وحيث ان اي حوار يدور بين الفلسطينيين لا يتضمن الا الحديث عن الهبة الشعبية وأثرها ومتى ستضع اوزارها- سألتها بغير وعي أيعقل أن تنتهي الهبة الشعبية دون أن يقدم مخيم قلنديا أي شهيدا؟ بسرعة بديهة اجابتني ألا تعلمين أن عرين الأسد عادة ما يكون صامت ولكن الاسود به لا تزأر عبثا ولا تكون ضربتها الا قاضية؟!
وسرعان ما وقعت الفاجعة ... مجزرةٌ أخرى تضاف الى تاريخ هذا المخيم العريق.
فان المتتبع لأي عملية اقتحام للمخيم تشنها قوات الاحتلال المتذرعة باعتى آلات البطش والتدمير - يرى الشيخ والشاب والطفل في الصفوف الأولى يدافعون عن مخيمهم، وهذا ما شهدناه مؤخرا حين اقتحم المخيم لهدم منزل الاسير محمد ابو شاهين، وافشل بذلك ابطال المخيم عمليتهم في المرة الاولى ليعدوا محمين بعتاد اكثر.
هذا المخيم الذي كانت دائما تواردني الأسئلة حوله – لماذا لا يتم اقتحامه الا مساءا؟
نعم- لأن "اسرائيل" تعلم ما ينتظرها من جحيم ان اقتحمته في وضح النهار لذلك لا تركب جرائمها الا في جُنح الظلام- الشهداء ليث الشوعاني، أحمد أبو العيش، محمد ابو لطيفة، مصطفى اصلان، محمد الأعرج، محمود عدوان، روبين زايد، جهاد أصلان، يونس جحجوح وغيرهم العشرات ارتقوا شهداءا بالتوقيت ذاته "فجرا" وبالطريقة ذاتها " الرصاص الحي" ارتقوا مستبسلين مدافعين عن مخيمهم الذي كان لذويهم من قبلهم ولهم الملجئ الآمن.
مخيم قلنديا بالنسبة لعابري السبيل هو طريق مختصرة للهروب من أزمة حاجز ماكر وبالنسبة لي أنا هو طريق مجبول بدماء الشهداء اتمنى لو انه يفرش بأي شيئ يحمي طرقاته من اي شائبة.
ويا لجملة " اخلع نعليك فترابه من دمائنا" الموقعة على بوابة المخيم ويا لحقيقتها، ففي ازقته تستمع لتراتيل حكايات الشهداء العظام، وحين تقف على بوابته تشعر كأنك تقف أمام أحد ابواب سور القدس تنبعث منه رائحة المسك والعنبر، وفي وجه اهله ترى الصمود والفرح ترى الآسى و الصلابة ترى قصصا في ملامحهم لا يمكن ان يفهمها الا من عاش بالمخيم.
هذا المخيم – قلعة الشهداء- بوابة القدس الشمالية – الحصن المنيع، لم يعبس يوما يا درويش – دائما كنت اراه مبتسما وتلك المدن السياسية الكبيرة المحيطة به وحدها من تغرق في العُبس و الكآبة ....
أعلم أن لا شيء سيتغير في هذا المخيم سوى أن مزيدا من الابطال سيولدون، وقبرٌ لشهيد جديد وصورة على باب المخيم للشهداء ستتجدد.