إسرائيل تطارد الاعلام- عمر حلمي الغول
تاريخيا قادة واجهزة أمن إسرائيل تخشى الرموز والمنابر الاعلامية والثقافية، وتعمل بوسائل مختلفة على إسكات تلك الاصوات إما بالاغتيال كما حصل مع الشهداء غسان كنفاني وماجد ابو شرار وناجي العلي وغيرهم في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، او القصف لاذاعة الثورة في سوريا ولبنان زمن الظاهرة العلنية وقصف مباني هيئة الاذاعة والتلفزيون في غزة ورام الله في مطلع الالفية الثالثة أثناء انتفاضة الاقصى، او بالمداهمة والملاحقة والمطاردة والتهديد والوعيد لمحطات التلفزة والاذاعات الفلسطينية الرسمية والاهلية خلال الهبة الشعبية الحالية والمتواصلة منذ شهرين.
منذ مطلع اكتوبر الماضي حتى الان، شهدت الساحة الفلسطينية ما يزيد على 115 إعتداء على الاعلاميين وكاميراتهم وسياراتهم ومحطات إذاعاتهم كما حصل مع إذاعة "منبر الحرية" في الخليل، التي داهمت قوات الجيش الاسرائيلي مقرها فجر الثالث من نوفمبر الحالي وصادرت معداتها واجهزة بثها، واصدرت امرا عسكريا بمنعها من البث لمدة ستة اشهر، ومنعت القائمين عليها من الاقتراب من المبنى تحت طائلة هدمه كليا، وفي الـ21 من الشهر تمت مداهمة ومصادرة اجهزة البث ومعدات إذاعة "راديو الخليل"، واعطت قوات الاحتلال القائمين عليها نفس امر المنع من البث ستة اشهر، وأمس الأول ارسل رئيس الادارة المدنية الاسرائيلية تحذيرا لاذاعة "one الخليل" بإيقاف بثها إن لم توقف حسب بيانه التهديدي "التحريض" وفق "قانون الطوارئ". وكانت وزيرة ما يسمى العدل الاسرائيلية، إيليت شاكيد، هددت هيئة الاذاعة والتلفزيون بوقف بثها في النصف الثاني من شهر اكتوبر الماضي. والحبل على الجرار، لا سيما ان الهبة والكفاح الشعبي الفلسطيني متواصل حتى تحقيق الاهداف الوطنية كاملة.
انطلاقا من ادراك إسرائيل لأهمية سلاح الاعلام، ودوره الريادي في تشكل الوعي باوساط الرأي العام، مطلق رأي عام. وتنامي هذا الدور والمكانة في عصر الاتصالات وثورة المعلومات. ولادراكها اهميتة ومركزيتة في النضال الوطني، وقدرته التعبوية والتوجيهية في استنهاض همم الشعب الفلسطيني، لذا لجأت، وستلجأ طالما بقي الصراع قائما إلى تكميم افواه وإسكات صوت الاعلاميين الفلسطينيين ومنابرهم بالقدر، الذي تستطيع. لذا كانت حربها لا تقتصر على إطلاق الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز والمياة العادمة والاعتقال للشباب بجنسيهم وعمليات الهدم والتدمير لبيوت المواطنين... إلخ بل تلازمت بشن حرب مفتوحة ومسعورة ضد الاعلاميين في ميادين المواجهة وضد المنابر المرئية والمسموعة والمقروءة ايضا، لاسكاتها او بحد ادنى لابتزازها وترويضها بالتهديد والوعيد. ولبلوغ الهدف استخدمت اجهزة امن الاحتلال كل الذرائع والقوانين الرجعية، كقانون الطوارئ الانجليزي، الذي تخلت عنه بريطانيا سابقا، بالاضافة لقوانين الادارة المدنية (قوانين السلطات العسكرية لدولة إسرائيل) القمعية والمنافية لابسط قواعد القانون الدولي ولحقوق الانسان.
لمواجهة الهجمة الوحشية، يفترض اللجوء لكافة الهئيات والمؤسسات الدولية ذات الصلة بما في ذلك الاسرائيلية، واللجوء للرأي العام بمكوناته جميعها، وانتهاج سياسة "العين بالعين والسن بالسن والبادي اظلم"، وجعل كل بيت وكل جهاز هاتف نقال منبرا لملاحقة جرائم حكومة نتنياهو الفاشية عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ولا يضيف المرء جديدا إن أعاد التذكير باتحادات الصحفيين العربية والاوروبية والدولية وبالجمعية العامة ومجلس الامن ومنظمات الهيئة الدولية مثل لجنة حقوق الانسان وحتى الاتحادات القومية للدول لفضح وتعرية إسرائيل. التي تعيها جهات الاختصاص الفلسطينية. لكن تكمن اهمية الجهد الوطني في تكثيف الحملة لمواجهة الجرائم الاسرائيلية، والتركيز على كي الوعي الاسرائيلي كما فعلت وزارة الاعلام اول امس بتوجيه إنذار للاسرائيليين، بانها ستتخذ قرارات لمنع صحفييها ومن يمثلهم من العمل في اراضي دولة فلسطين المحتلة، وغيرها من الاجراءات الوطنية لتعزيز روح التحدي لقهر الانتهاكات الاسرائيلية ضد الاعلاميين ومنابرهم.
oalghoul@gmail.com