"أثر الاحتلال على حياة العمال والشعب الفلسطيني" - د. حنا عيسى
منذ اللحظة الاولى لاحتلال الارض الفلسطينية، وما نتج عنه من نكبة للفلسطنيين وما تبعها من نكسات، كان له اثار بالغة على كل ما هو فلسطيني، ليضحي بين ليلة وضحاها الفلسطيني لاجئاً ونازحاً بلا ارض ولا وطن، وليوطن ملايين المستوطنين من شتى بقاع الارض في ارضه ومقدساته، وما ترتب على ذلك من فقر وجهل وتضييق وتدمير.
فقد استهدفت السياسة الاقتصادية الإسرائيلية منذ احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة كل جهد ممكن لتكييف البنى الإنتاجية الفلسطينية بما يلائم متطلبات الاقتصاد الإسرائيلي، حيث أصبح الاقتصاد الفلسطيني تابعاً وخاضعاً كلياً للاقتصاد الإسرائيلي الأكثر تطوراً وذلك من خلال السيطرة على الموارد الاقتصادية الفلسطينية ومصادرة الأراضي الزراعية وفتح أسواق الضفة وغزة لمنتجاتها دون قيود، ومحاربة المنتجات الفلسطينية عن طريق الأسعار أو المصادرة أو منع التصدير، ومن جهة ثانية منعت إسرائيل المناطق الفلسطينية من الاستيراد إلا من خلال اقتصادها الإسرائيلي، بالإضافة إلى أنها فتحت أسواقها للعمالة الفلسطينية من المناطق المحتلة حتى وصل عددهم إلى أكثر من 150 ألف عامل، حيث كان فارق الأجور يشكل الحافز القوي لتوجه العمال للعمل في إسرائيل مما أدى بالكثير من المصانع والمزارع الفلسطينية إلى الإغلاق. وكان أكثر من ثلث الناتج القومي وأكثر من 95% من وراداتنا يأتي من العمل في إسرائيل وحوالي 80% من صادراتنا تذهب إليهم حيث وصل العجز في الميزان التجاري حوالي 600 مليون دولار.
السيطرة على الموارد مقدمة للتضييق المعيشي:
إلى جانب مشكلة اللاجئين والنازحين الفلسطينيين الذين حرموا بسبب ممارسات الطرد التعسفي الإسرائيلي والممارسات القمعية الرامية إلى التهجير القسري من مصادر عيشهم، فقد وضعت سلطات الاحتلال الإسرائيلية يدها على أخصب الأراضي الزراعية في فلسطين التاريخية، وأستأثرت بالمياه في المناطق التي احتلتها في الضفة الغربية . كما تشكل المياه الفلسطينية المنهوبة من الضفة الغربية المحتلة ثلث ما تستهلكه إسرائيل من المياه سنويا وذلك على حساب الشعب الفلسطيني، وإلى جانب ذلك فإن التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية وقطاع غزة لم يؤد إلى التهام المزيد من أراضي الفلسطينيين وحسب؛ بل وإلى إقتطاع مساحات شاسعة من المناطق الزراعية والمأهولة بالسكان لأغراض الحماية الأمنية للمستوطنين ولاستخدامها على هيئة طرق التفافية . ناهيك عن إنشاء المزيد من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية بحيث يسفر إنشاء كل مستوطنة جديدة فوق الأرض الفلسطينية عن تفاقم لمشكلة الفقر في المجتمع الفلسطيني بسبب ما تؤدي إليه من ضغط على الموارد المتاحة للمواطنين .
ومن اثار الاحتلال البارزة والضحة جدار الفصل العنصري، حيث ان الآثار النفسية والاجتماعية للجدار لا يمكن قياسها بما يترتب عنه على المدى القريب فقط وانما أثاره بالغة الأهمية والخطورة بعيدة المدى. كما أن تحليل مدى تأثيره ينطوي على فهم العوامل الاخرى المؤثرة والمرتبطة بالاحداث، الاوقات، والمراحل التطورية للجماعة والفرد. فالتأثير النفسي الاجتماعي للجدار لا يتم بمعزل عن مجمل الاحداث السياسية، الاقتصادية، النفسية والاجتماعية التي مر بها الانسان والمجتمع الفلسطيني منذ 1948. فآثاره الصادمة الانية الناجمة عن القتل، الدمار، مصادرة الممتلكات والتشرد والنزوح فقد سببت ما يسمى بالجرح الثقافي اي الاساءة والتجريح لكل ما له قيمة واهمية في الحياة، فمن سلب الوطن والأرض، والتغيير في المعالم الفيزيقية، والتشويه في التاريخ، وقطع الأوصال وزعزعة أسلوب الحياة المعروف من ممارسات يومية وطقوس دينية واجتماعية.
وأثقل العبء الضريبي كاهل الاقتصاد الفلسطيني حيث قدرت مكاسب إسرائيل من الضرائب كحد أدني حوالي نصف مليار دولار مما أدى إلى تدمير البنية التحتية، أما فيما يخص السياسة النقدية فقد أغلقت إسرائيل جميع البنوك العربية عشية الاحتلال، فيما سمحت لكل من بنك فلسطين في غزة وبنك القاهرة عمان في الضفة للعمل في عامي 1981 و1986 على التوالي.
أما فيما يخص السوق الفلسطيني فقد قامت إسرائيل بتجزئته بين الضفة وغزة، كل ذلك حرم الاقتصاد الفلسطيني من الحد الأدنى من متطلبات التنمية. وفي عام 94 جاء بروتوكول باريس الاقتصادي والذي يشكل الملحق الاقتصادي المنظم للعلاقات الاقتصادية والتجارية الفلسطينية الإسرائيلية، حيث أن اتفاق باريس الاقتصادي لم يكن في مجمله لصالح الشعب الفلسطيني وهذا أمر متوقع في ظل عدم التكافؤ بين الطرفين حيث كانت موازين القوى ومازالت في صالح إسرائيل.
العمال وصراع البقاء:
نشأت الطبقة العاملة الفلسطينية وترعرعت في سياق صراع تاريخي مفتوح بين الشعب الفلسطيني والمشروع الصهيوني الإستعماري الإستيطاني العنصري، وانعكس هذا الصراع على حياة العامل الفلسطيني كما كانت على الشعب الفلسطيني بمجمله مع فوارق حجم الإضطهاد الذي عاناه وما زال يعيش في ظله مئات آلاف العمال الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم . وقد كانت الوكالة اليهودية والصندوق القومي اليهودي كأدوات الحركة الصهيونية الفاعلة في استهداف الأرض والإنسان الفلسطيني لاقتلاعه من أرضه، واستمرت الهستدروت (النقابة العامة للعمال اليهود في ارض إسرائيل) منذ عام 1920 بدورٍ متقدم في استهداف الحركة العمالية الفلسطينية وحركتها النقابية، فعملت مراراً وتكرراً لفرض نفسها كممثل لكل العمال على ارض فلسطين بما ينسجم مع عقيدة الحركة الصهيونية، وبسبب فشلها في ذلك حاولت احتواء العمل النقابي الفلسطيني في إطار الهستدروت، في محاولة منها لمنع بناء تنظيم نقابي فلسطيني يعبر عن الهوية الوطنية والنقابية للعمال الفلسطينيين
.
ومن ابرز مقومات هذا الصراع هو سياسة الهستدروت التي اتبعتها باحتلال العمل الفلسطينيي وحرمان العمال من العمل في المشاريع التي أنشأها الانتداب البريطاني وبشكل خاص سكك الحديد والمؤسسات الإدارية، أوالاستيلاء على المراكز الهامة والحساسة في مواقع العمال المتاحة. وامتد هذا الصراع حتى عام 1948 وهو عام النكبة التي أدت إلى تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه وتحويل أكثر من نصفه إلى لاجئين، وكذلك كان حال العمال الفلسطينيين. وسمح الحاكم العسكري الاسرائيلي في العام (1968) بتشغيل عمال الاراضي المحتلة في اسرائيل، وكانت تلك بداية إحدى اكبر التبدلات الأساسية والخطيرة على المستوى الإجتماعي والإقتصادي في المناطق المحتلة حيث من هناك بدأ العمل بالدولة العبرية من قبل العرب الفلسطينين. فشَرَّعَت سوق العمل الإسرائيلية أبوابها حسب احتياجات اقتصادها للعمال الفلسطينيين في ظل مجموعة من الإجراءات التي أعاقت نمو الاقتصاد الفلسطيني وأضعفته، وأضعفت قدرته على استيعاب القوى العاملة الفلسطينية التي تعرضت لاضطهاد طبقيً وقوميً من خلال تشغيلها حسب استعداد السوق الإسرائيلية في البناء والزراعة على وجه الخصوص، وذلك بناءاً على اتفاق بين الحكم العسكري والهستدروت مع السماح للهستدروت بجباية أموال من أجور العمال بنسبة (1%) من راتب كل عامل لصالح الهستدروت دون الحصول على أي خدمات مقابلها.
العمال ورحلة العذاب :
كي يتمكن العمال من الوصول الى اماكن عملهم عند السابعه صباحاً، يخرجون من بيوتهم عند الساعه الثانيه او الثالثه بعد منتصف الليل، حيث يواجهون معاناة كبيرة في الوصول الى داخل سوق العمل الاسرائيلة لانهم يضطرون الى العبور من خلال الحواجز العسكريه لجيش الاحتلال. اما فيما يتعلق بقسائم الراتب فإنّ بعض العمال الفلسطينيين لا يعرفون شيئا عن هذه القسائم، إنما يعرفون المبلغ الذي يتقاضونه في كل شهر أو في كل أسبوع. لأن المحاسبة تتم في كثير من الأحيان بين المقاول الاسرائيلي والمقاول الفلسطيني من الضفة، ويزوِّر المقاولين معطيات أجرة العمال على الرغم من أن العامل الفلسطيني من الضفة يدخل إلى أراضي (1948) للعمل بموجب تصريح من مكتب التشغيل الإسرائيلي ويدفع المقاولون أجراً زهيداً للعمال الفلسطينيين وهو يقل عن الحد الادنى للأجور لكنه يسجل في التقارير التي يسلمها إلى مكتب التشغـــــيل أن العامل عمل 13 أو 14 يوماً، بدلا من (23 أو 24) يوماً، وهذا التزوير ينطبق على الحقوق الاجتماعية أيضاً إلا أن السلطات الإسرائيلية نفسها لا تطبق القانون في هذه الناحية، بالرغم من وجود «أمر موسع» بتوقيع وزير العمل الاسرائيلي يسري على جميع العاملين في إسرائيل، حيث أن القانون يسري على العمال الفلسطينيين الذين يدخلون إلى إسرائيل بتصريح عمل، وعلى جميع العاملين في إسرائيل.
وفي أواخر سبتمبر عام 2000 جاءت انتفاضة الأقصى وما أن اندلعت حتى أقدمت إسرائيل على فرض حصار شامل على المناطق الفلسطينية كعقاب جماعي، وعزلت المدن الفلسطينية عن بعضها واستخدمت القوة المفرطة ضد الشعب الفلسطيني مما أسفر عن سقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى خلال المواجهات العنيفة بين المواطنين العزل وجيش الاحتلال الإسرائيلي المدجج بالسلاح الذي اقدم على هدم البيوت واقتلاع الأشجار المثمرة وتدمير الممتلكات الخاصة وقصف بالصواريخ والدبابات المواقع الفلسطينية والمباني الحكومية ضمن مخطط مدروس ومبرمج، مما ترتب عليه انعكاسات خطيرة تركت آثاراً تدميرية على مختلف جوانب الحياة الفلسطينية اقتصادياً وتعليمياً واجتماعياً وصحياً، إلى جانب حرمان آلاف العمال من التوجه إلى أماكن عملهم داخل إسرائيل. ونتيجة لهذا تعرض الاقتصاد الفلسطيني إلى خسائر فادحة شملت مختلف مرافق الحياة والقطاعات الاقتصادية في فلسطين.
دور الامم المتحدة والقوى الامبريالية:
تعد القضية الفلسطينية من القضايا الأكثر تعقيداً في القضايا المعاصرة، وذلك لأنها ذات خصوصية استثنائية تميزها عن غيرها من القضايا المعاصرة، فهي ليست مجرد صراع محلي أو إقليمي أو دولي، ولا هي صراع أقلية ضد أكثرية، ولا قضية صراع بين قوى استعمارية مختلفة على موارد أو نفوذ. ولا هي من نمط قضايا التحرر التقليدية، بل ربما تختلف عن جميع هذه الأنماط أو تجمعها معاً. هي قضية تقوم على صراع تقوده مجموعة عنصرية استيطانية ذات طابع ديني إحلالي، ولها جذور دولية مرتبطة بالدول الأكثر نفوذاً في العالم، وليست بدولة محددة. وظهر ذلك بشكل جلي عندما قامت الحركة الصهيونية بالتحول إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد تراجع الدور الدولي لبريطانيا خاصة بعد مؤتمر بلتيمور عام 1942م الذي عقد في نيويورك، ومن ناحية أخرى فإنها تستمد نفوذاً إضافياً من قبل الجماعات اليهودية والحركة الصهيونية ذات الانتشار والنفوذ الواسع في الدول الكبرى، والتأثير على قراراتها وسياساتها من خلال تغلغلها السياسي والاقتصادي والإعلامي في هذه الدول، مما يسهل عليها مهمة التأثير في السياسات الداخلية لتلك الدول.
حظيت القضية الفلسطينية على قدر كبير من اهتمام المنظمة الأممية ومداولاتها، فكان لها نصيب وافر من الاجتماعات والمؤتمرات والقرارات، ويصح القول بأنه لم تحظ قضية أخرى بمثل ما حظيت به القضية الفلسطينية لدى الأمم المتحدة، سواء في مجلس أمنها أو جمعيتها العمومية أو مؤسساتها المختلفة الأخرى التابعة لها. وقد ظل الشعب الفلسطيني يراوده الأمل بأن تكون الأمم المتحدة منبر ومنطلق بحثه عن العدالة والحماية من العدوان والاحتلال، بوصفها ضمير العالم وحارس شرعيته، والداعم الأول لسلام الشعوب والمساواة بين بني البشر، كما يفترض أن تكون.. بيد أن المسافة كانت كبيرة بين ما أمله الشعب الفلسطيني والواقع المعاش، إذ أنه ما انفك يكابد عذابات الاحتلال كأخر شعب يرزح تحته، فضلا عن التهجير والتشرد واستمرار المعاناة في مختلف بقاع الأرض تحت سمع وبصر العالم أجمع، بما فيه الأمم المتحدة، من دون تحقيق التقدم الكفيل بإنهاء مشكلته ووقف الاحتلال، وبناء دولته المستقلة.. وهكذا باتت القضية الفلسطينية حالة مزمنة ومستعصية في أروقة الأمم المتحدة على رغم القرارات الصادرة عنها، مثل، 242,194 ,338 وعشرات القرارات الأخرى التي صدرت على مدار العقود الماضية من عمر هذه القضية، والتي ظلت حبرا على ورق، ولم تجد ترجمتها الفعلية على الأرض، بصرف النظر عن اعتراف الغالبية الساحقة من شعوب الأرض بشرعية هذه القضية وعدالتها.
وتحتل القضايا المتعلقة بإسرائيل وفلسطين والجوانب الأخرى للصراع العربي الإسرائيلي جزء كبير من المناقشات والقرارات في الأمم المتحدة. تبني لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين لتوصية تقسيم فلسطين من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1947 كان واحداً من أولى قرارات الأمم المتحدة. منذ ذلك الحين ، لعبت الأمم المتحدة دورًا محوريًا في هذه المنطقة، لا سيما من خلال توفير الدعم للاجئين الفلسطينيين عبر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، وتوفير منبر للمطالبات السياسية الفلسطينية عبر ما يعرف بـ اللجنة المعنية بممارسة الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، وشعبة الأمم المتحدة لحقوق الفلسطينيين، واللجنة الخاصة المعنية بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني، ونظام معلومات الأمم المتحدة بشأن قضية فلسطين (يونيسبال) واليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. وقد رعت الأمم المتحدة مفاوضات السلام بين الطرفين في العديد من المرات، كان آخرها خارطة طريق السلام 2002.
وثمة العديد من المؤشرات التي تدلل على تراجع المنظمة الدولية وتخليها عن دورها بوصفها مؤسسة دولية محايدة، وتحولها إلى أداة في أيدي العواصم الكبرى المهيمنة، ومعبرا عن مصالحها وليس عن مصالح الشعوب المظلومة. وليس أدلّ على ذلك من إنشاء «اللجنة الرباعية» التي باتت تشكل مثالا على انقياد المنظمة الدولية للولايات المتحدة، ومصادرة دورها ووظيفتها حيال القضية الفلسطينية. لكن، ومع ذلك كله، فقد كانت فكرة عودة الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة ضرورية وواجبة، وذلك لإبقاء قضيتهم في كنف الشرعية الدولية، وتتجلى أهمية المعركة السياسية والدبلوماسية في الأمم المتحدة، في أنها تعيد الاعتبار لفكرة الدولة الفلسطينية كحق تكرسه الشرعية الدولية، خصوصا بعد فشل المفاوضات ووصولها إلى الطريق المسدود. وفي حال الاعتراف بالدولة الفلسطينية فإن مهمة المفاوضات ستتبدل نوعيا من البحث في شؤون السلطة والإدارة، إلى البحث في ترتيبات إقامة الدولة وإنجاز إجراءات السيادة.
ومن الغريب أن يتحول دور بعض العواصم الأوروبية خصوصاً، إلى محاولة مساعدة أمريكا على تجنب اللجوء إلى «الفيتو»، نظراً لانعكاساته السلبية الأكيدة على الفلسطينيين والعرب، (إلى جانب الحرج الذي سيسببه للرئيس أوباما عبر استخدامه حق النقض ضد الدولة الفلسطينية التي طالما أعلن تأييده لها)، وذلك من خلال إعاقة حشد التأييد اللازم لإنجاح المسعى الفلسطيني في مجلس الأمن، أو عبر إقناع الفلسطينيين بتأجيل التصويت على الطلب برمته، والعودة إلى المفاوضات.. يذكر أن أميركا استخدمت حق النقض ضد خمسين قرارا مناهضا لإسرائيل، بينها الفيتو الأخير الذي استخدمه أوباما في شباط/فبراير الماضي ضد قرار يدعو إسرائيل لتجميد الاستيطان.. وقد برز على هذا الصعيد، موقف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي قدم اقتراحات تشمل في جوهرها تخلي الفلسطينيين عن تقديم طلب عضوية كاملة، لمصلحة رفع مستوى التمثيل الفلسطيني من هيئة مراقبة إلى دولة مراقبة في المنظمة الدولية، كخطوة مرحلية، مع اقتراح جدول زمني جدي للمفاوضات يبدأ خلال شهر، ويتضمن ستة أشهر للتوصل إلى اتفاق على الحدود والأمن، وسنة للتوصل إلى اتفاق نهائي. إلا أن تل أبيب سرعان ما أعلنت رفضها للاقتراح، مشددة على أنه «لا يمكن أن تقوم دولة فلسطينية بدون الاتفاق مع إسرائيل».
وفي الواقع، تخشى إسرائيل من أن إعطاء فلسطين وضع دولة مراقبة، مثل الفاتيكان، سيسمح للفلسطينيين بالمشاركة في أعمال كافة المنظمات الدولية، ومن بينها مقاضاة الدولة الاسرائيلية على جرائمها أمام المحكمة الجنائية الدولية، وخصوصاً ما يتصل منها بالاستيطان.