" من الانتفاضة المجيدة في ذكراها" - فراس الطيراوي
ثمانية وعشرون عاما مضت على انتفاضة الحجر المجيدة التي يصادف ذكراها في التاسع من ديسمبر والتي كتبت سجلها النضالي بدماء شهدائنا الابرار، وعذابات جرحانا الأبطال، وآهات اسرانا البواسل، فحقا كانت انتفاضة الزمن الجميل الذي نشتاق اليه، كالشمس التي نشتاق الى ضوئها، والى دفء أيامها ولجين أحلامها. انتفاضة العطاء والتواصل، والصمود والتحدي، والديمومة التي كانت تستمد روحها من ذاك العنفوان المنبعث من إرادة الحق ، فكان أشبالها وزهراتها، وشبابها وشاباتها، حماة الحق والحقيقة في زمن الردة والخيانة،وصناع الاقدام الفلسطيني في زمن التراجع، وصانعي الانتصارات في لحظات الانهزام والاحباط، ورافعي لواء الثورة في لحظات الهروب والارتداد.
من منا لا يتذكر تلك الأيام، من منا لا يتذكر المنشورات المروصة باسم القيادة الوطنية الموحدة ( ق. و.م ) والقوات الضاربة، من منا لا يتذكر كيف كانت الوحدة الوطنية تتجلى في اروع صورها، من منا لا يتذكر كيف كانت الماجدات الفلسطينيات يقمن بالهجوم على الجيش ويخلصوننا من بين أيديهم ، من منا لا يتذكر كيف كانت المدن والمخيمات والقرى تتزين بالاعلام وصور القادة في ايام الأعياد والانطلاقة لكل فصيل، من منا لا يتذكر المسيرات التي كانت تجوب الشوارع وبعدها يأتي جيش الاحتلال ونبدء الاشتباك معه بالحجارة ويطلق الرصاص والغاز المسيل للدموع ويسقط منا شهداء وجرحى، من منا لا يتذكر الفهد الأسود، والنسر الأحمر، وفرسان الليل، والجيش الشعبي، كتائب الشهيد ابو جهاد، وغيرها من اسماء الأجنحة في تلك الفترة.
من منا لا يتذكر كيف كان المستوطنين يتسللون في سياراتهم كالفئران مذعورين واحيانا يضعون الحطة الفلسطينية او سجادة صلاة للتمويه، من منا لا يتذكر عندما كان الملثمين يجوبون المدن والبلدات والمخيمات ويعلنون الإضراب العام فكان الكل يلتزم بكل صدر رحب، من منا لا يتذكر عند الدخول على التجار لتفتيش المحال اذا كان هناك بضاعة صهيونية ام لا ومنظر صاحب المحل وخاصة اذا كان لديه بضاعة وغير ملتزم فكان وجهه يتصبب عرقا ولا يستطيع ان يبلع ريقه، ومع هذا كان التسامح عنوان فان وجدت بضاعة يقال للتاجر لا تفعلها مرة ثانية فهذا إنذار ولقد اعذر من أنذر، من منا لا يتذكر بائع الموز في رام الله عندما كان الجيش الاحتلالي يلحق بنا من أجل اعتقالنا، فيخبئنا من الجيش ويطعمنا الموز والشاي الساخن مع الكعك ويطبب على أكتافنا ويقول لنا وبلغة عفوية وخارجة من القلب " الله يرضى عنكم يا أولادي ويحميكم من اعاديكم، ديروا بالكم على حالكم لأنكم انتم املنا وأنتم الجيل الذي سيحرر فلسطين" .
من منا لا يتذكر دموع الفرح والزغاريد وتوزيع البقلاوة والحلوى بكل أنواعها في فلسطين عندما أعلن عن نجاة القائد الشهيد الرمز" ياسر عرفات " من حادثة سقوط طائرته في الصحراء الليبية، من منا لا يتذكر منظر الفينيق الفلسطيني القائد الرمزابو عمّار الذي خرج من تحت الرماد وهو يرفع شارة النصر ويرسل القبلات الى شعب فلسطين، وبجانبه ملك الاردن الشقيق المغفور له باذن الله " الحسين بن طلال" وهو يهنأ ابو عمار ويقبل جبينه.
وتاليا نستذكر بعض من الشعارات التي كانت تخط على الجدران ومازالت محفورة في التاريخ:
- لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة.
- عاشت م. ت. ف. ممثلا شرعيا ووحيدا لشعبنا الفلسطيني البطل. - ليعلم الجميع بان الارض العربية محتلة ما عدا الارض المحتلة. - العاصفة تمشي هناك تزرع الارض شراك ... الى الردى الى الهلاك كل غاصب في ارض بلادي. - الحجر هو مهذن للبندقية ولكنه ليس بديلا عنها. - فتح نور ونار ، نور لمن اهتدى ونار على من اعتدى. - فتح ديمومة الثورة والعاصفة شعلة الكفاح المسلح. - جبل الغضب المقدام سيقطع لسانك يا فلان لا اريد ان اذكر اسم الشخص لعلكم تتذكرونه وهو كان احد مستشاري الزعيم الخالد ياسر عرفات اثر تصريح له لم يرضى الشارع الفلسطيني عن هذا التصريح. - امير الشهداء ابو جهاد اول الرصاص وأول الحجارة. - سقط الشهيد وتدحرج الحجر ومن قال عن ابو عمار خائن فقد كفر. - من دماء شهدائنا سيولد النصر اجلا ام عاجلا. نكتفي بهذا القدر من هذه الشعارات ... ونتمنى ان تحقق انتفاضة القدس ما عجزت عن تحقيقه الانتفاضة الاولى والثانية وان تستمر حتى دحر الاحتلال الصهيوني الغاشم عن ارضنا الفلسطينية المباركة وقيام دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وانها لانتفاضة مجيدة حتى النصر.