لو تكرمتم، اسألوا الشباب فهم يعلمون أكثر- حسن سليم
الشباب هم الذين بادروا لإنهاء الحمل السياسي الكاذب، المدعي بقرب إنجاب دولة فلسطينية، قد تم التوقع مبكرا عدم القدرة على تحقيقه، بسبب سرطان كان يتمدد في الرحم، أنهكه حتى بات ضعيفا غير قادر الإنجاب.
والشباب اليوم هم أصحاب القانون الجديد في المواجهة الذي لم يتوصل اليه بعد، علماء السياسة والاجتماع لاكتشافها رغم محاولاتهم المتكررة بالاقتراب بحذر مما يصنعون، ما أبقاهم يقيمون على سطحية الاكتشاف والتحليل، وكم كان أولى مبادرتهم بالسؤال لأصحاب القانون الجديد، ماذا يحدث، وما الذي لم يحدث، وما المطلوب أن يحدث، فهم يعلمون أكثر منا.
ولكن، أخيرا حدث أن تم السؤال، وهذه المرة الشباب هم من يعتلون منصة الحديث، وعلى الجميع أن يصغي باهتمام، فذلك حقهم، ولا مِنة لأحد عليهم، وهذا ما حدث.
نحن ندرك منذ البداية أن الدولة لا تقوم بين ليلة وضحاها، ولم نكن واهمين بأننا سنغفو لنجد السواري تحمل أعلام الدولة فوق مؤسساتها، وأن الاحتلال قد فر هارباً خجلا مما فعل على مدار سبعة عقود، وبأنه استجاب لمطالبنا بالحرية والاستقلال، "يقول الشباب".
كنا نعلم منذ ومن بعيد أن اصطلاح الوحدة الوطنية والإجماع الوطني لم يعد صالحا لقياس مدى إمكانية الوصول لأهدافنا وتحقيق مشروعنا الوطني، فاختلاف المشارب الفكرية والرؤى السياسية يجعل الاتفاق المطلق ضرباً من الخيال، ووهم لن يكون حقيقة إلا إذا ألغى أحدنا الآخر، وتحولنا الى "أحد" من لون واحد، وهذا ما لا نريد، بل نريد التنوع والاختلاف الواعي، والإبداع الخلاق الذي يكون أحد محفزاته الرغبة بالتفوق على الآخر في إطار المنافسة، وهذا بالطبع لا يكون في ظل اللون الواحد، المستريح لضمان شعبيته، ولهذا السبب لا نصر على اصطلاح الوحدة الوطنية أو الإجماع الوطني، والمطلوب البحث عن ابتكار جديد، او قاسم مشترك أوسع، فذلك يكفي، "هكذا يقترح الشباب".
لسنا ممن يتخلى عن الأطر والأحزاب صاحبة الفضل في التأطير والتنظيم، والتي حافظت على بقاء القضية الوطنية حية، رغم كل الملاحظات على أدائها الحالي، فهي التي واجهت كل مشاريع التصفية التي رافقت الثورة الفلسطينية منذ انطلاقتها، كما أننا لا نطرح أنفسنا بديلاً عنها، لأننا أبناؤها وطلاب مدرستها، ولذلك ندفع دمنا ثمناً حتى تلتقط تلك الفصائل رسالتنا، وتعود الى الموقع الذي نحب، بأن تكون في المقدمة، ولكن وفق القانون الجديد، الذي يستوعب الطاقات، ويضمن تجدد الدماء في الهياكل التنظيمية، وهذا ما يجب انه تأخذه بعين الاعتبار، "هذا ما يطالب به الشباب".
اتحاد طلبة فلسطين، كان من أوائل الاتحادات المنتجة لكوادر منظمة التحرير، والمشكل الأساسي لأطرها، ولعب دورا مهما في قيادة الكفاح الوطني سواء المسلح أو السياسي، ولكن اختفاءه بقدرة قادر أو عبده، وانسلاخه عن الجسم الأصيل المكون له، وهم الطلاب، وتكلس هياكله، بعد تربع قواده في عرش عليين، تسبب بطمس صوت الطلاب، وهم ذاتهم الشباب، مما تسبب بتغييب تمثيلهم، وإخفاء صوتهم وإظهار فعلهم على الأرض، "ولهذا يعتب الطلاب الشباب".
بعد سنوات، أو اقل سنكون طلاب عمل، بعد إنهاء الدراسة، ونعلم حجم البطالة المتفشية، وضيق السوق، لكن ونحن نتطلع لأن تكون لنا دولة، طالما حلمنا بقيامها، نتطلع أن تكون لها رؤية قادرة على قراءة المستقبل لنا، وألا تتركنا فريسة انعدام الفرص، أو لسماسرة لحاجاتنا الماسة للعمل، سواء من اصحاب دكاكي السياسة او من اصحاب رؤوس الاموال، أو تدفعنا للبحث عن هجرة الوطن الذي نحب، والغرق في أواسط البحار بحثاً عن مستقبل مجهول، فذلك ما يرعبنا، ويدفعنا للدخول في حالة اليأس التي لا نريد، "هذا تخوف الشباب".
حزننا عميق على ما وصل اليه حالنا، ولكنه لم يمنعنا من الفرح وسط التظاهرات، ولم يعق إحياء مناسبة عيد ميلاد لأحد الأصدقاء تحت وقع صوت الرصاص، كما لم يمنعنا المطر من تنفيذ دبكة شعبية رغم لزوجة الأرض الملوثة بالمياه العادمة، نحن لسنا شبابا سذجا كما تعتقدون، بل الأكثر قدرة على التكيف، لأننا ببساطة قررنا البقاء، رغم كل الظروف، ونحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا، "يقول الشباب".
اليوم، ثمة ضوء بالإمكان مشاهدته، ولو من بعيد، ولكنه سيتضح أكثر لو تم السعي للاقتراب منه أكثر، ولكن للتذكير فهو لا يعمل بأدواتنا القديمة، كما لا يحتاج منا الى وقود ليعمل، ولضمان بقائه، فقط كل ما يحتاج منا ألا نطفئه، هم الشباب، فهل تكرمتم، واقتربتم منهم، وسألتم ماذا يريدون، فهم يعلمون أكثر.
Hasan.media@yahoo.com