الصحافة الوطنية .. بقلم د.مازن صافي
لقد تغيرت الظروف بعد 21 عاما من قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، ولم يعد اليوم كثير من الأمل أمام شعبنا وقيادته، والوضع العربي بكل تفاصيلة يحتاج الكثير من الوقت ليتعافى ويستعيد قدرا معقولا من التضامن مع قضيتنا التي كانت دوما القضية المركزية للعرب، وتضخم مستوى الخطر ضد شعبنا وقيادته ومقدساتنا ومستقبلنا، والولايات المتحدة الأمريكية لم تعد قادرة ان تمارس دورا حياديا او نزيها، بل اصبحت تقف ضد غضبة شعبنا، وتعمل في العلن لايجاد قيادة بديلة، وتفريغ السلطة الوطنية من مضمونها وقوتها واستقرارها، وتفريغ قوتها أمام احتياجات شعبنا ومحاولة تحويل إتجاه الضغب ضد المحتل ليرتد داخليا، وفي نفس الوقت تزرع التحريض ضد المواقف السياسية التي تتخذها القيادة الفلسطينية، وتصف ما تقوم به (اسرائيل) من جرائم برد الفعل و الأمن، ودخلت روسيا من بوابة سوريا وتركيا، في وقت حساس جدا للدول العربية، ولا يوجد لروسيا موقف فاعل ضد الاحتلال، بل أنها من أجل تحقيق أهدافها في سوريا تتحالف مع (اسرائيل) من اجل الممر الجوي، واما الإتحاد الأوروبي ومع أهمية مواقفه التي تعزز المقاطعة ضد الاحتلال، فإنه بحاجة لكثير من الجرأة والقوة لكي يقف أمام تغول الإدارة الأمريكية في المنطقة، وإيجاد توازن دولي ربما ينهي الكثير من المستجدات الخطيرة على الأرض العربية والتي تسببت بها السياسة الأمريكية المستمرة منذ اكثر من ثلاثين عاما وتهدف لتفتيت المنظومة العربية، وإضعاف الاقتصاد العربي، وخنقه بالمشكلات الاجتماعية والسياسية في كل دولة على حِدة، وبالاتجاه الآخر تعمل على تضخيم قوة (اسرائيل) من كافة النواحي وخاصة الاقتصادية والعسكرية، التفرد بالشعب الفلسطيني وقضيتنا الوطنية.
إن الصحافة الوطنية التي تفضح سياسة الإحتلال وفضح جرائمه المتصاعدة، وخطط الادارة الأمريكية في المنطقة، وتحمل قضيتنا الى كل العالم بنشر الصورة الحقيقية للمعاناة اليومية ومقاومة الاحتلال، هي صحافة مستهدفة من الإحتلال وممن يخططون لتدمير منطقتنا العربية.
واليوم وفي ظل انتفاضة القدس، نحتاج الى حملة الاقلام الوطنية، والتعبير بكل مصداقية ووضوح عما نعاني منه من ازمات متلاحقة ومتداخلة، ونقل نبض الشارع ومشكلات الناس، ودعم الكلمة الشجاعة والمواقف الصادقة ونبذ التصرفات والأساليب المرفوضة والتي لا تخدم واقعنا تحت الاحتلال.
ان قضيتنا الفلسطينية وحاضرنا المعقد وهمومنا المتفاقمة، تعكس المخاوف الحقيقية مما ينتظرنا جميعا لمواجهة خارطة دولية جديدة تحاصرنا في دوائر مظلمة ومغلقة ومنغلقة، ليسيطر عليها الاستعمار القديم بثوب جديد تحت مسميات واهية لا تخدم أجيالنا القادمة.