مشعل ينصح الجميع وينسى نفسه - حسن سليم
دعوات خالد مشعل لتشكيل قيادة موحدة للانتفاضة، والتوافق الوطني الفلسطيني بين كل القوى والشخصيات على استراتيجية الانتفاضة وأهدافها في التخلص من الاحتلال والاستيطان وإفشال المخطط الإسرائيلي بتقسيم المسجد الأقصى المبارك، بالطبع دعوة مباركة وتستحق رفع القبعة لها، لو كانت من غير من يعطل تلك الدعوات ويضع العراقيل امامها لتصبح حقيقة سهلة التطبيق. ان القيادة الموحدة للانتفاضة او للهبة الشعبية، انما تحتاج مسبقا لتوافق واتفاق على اننا نعيش في وطن واحد، وبنظام سياسي واحد، وتحت علم واحد، ولدينا مرجعية واحدة، فيما واقع الحال يقول غير ذلك. فحماس ما زالت تطبق سيطرتها على قطاع غزة، وتجري التغييرات المؤدية للانفصال التام، بعد كل ما احدثت من تغيير في منظومة القوانين والتشريعات، والانظمة المعمول بها في القطاع، وتلزم اهله بالعمل بها عنوة، بدءا من الضرائب، ومرورا باشكال المقاومة وحرية التعبير، وصولا الى السيطرة على المعابر من داخل القطاع، وهذا ما يجعل من المزاوجة بين الفعل الميداني النضالي المقاوم على الأرض وبين السياسة والدبلوماسية والتحرك الإقليمي والدولي، التي يطالب بها مشعل، مستحيلة، في ظل ما تقوم به حركته على الارض، وما تعلن من سياسات ومواقف، وتتبنى من تحالفات اقليمية. ان ما غاب عن ذهن خالد مشعل وهو يصدر نصائحه ان الهبة الشعبية وهي في منتصف الشهر الثالث لها، قد حققت على صعيد الارباك الامني الداخلي لدولة الاحتلال ما لم تحققه الصواريخ التي اطلقتها حركته من غزة، وسقط بسببها اكثر من الفي شهيد، ودمرت من المنازل الالاف، حيث إن الخوف من الفعل الفردي الفلسطيني يسيطر على كل مواطن اسرائيلي في المتجر والحافلة والشارع، كون الفعل لا يسبقه انذار، ولا تلويح من فصيل بالثأر، وهذا ما يخيف دولة الاحتلال، بالتالي فانه لا داعي لخوف مشعل على استمرار الهبة.. فيما اعتقد جازما ان مشعل يعلم ان ما سيخيف الاحتلال اكثر هو الاعلان عن توافق فلسطيني تسقط بموجبه المحاصصة، وتسقط فيها الرايات الفصائلية، وتسقط فيه الولاءات لغير فلسطين، وكان اولى بخالد مشعل وهو يمجد دماء الشهداء ويتغنى بتضحاياتهم، ان يفاجئنا باعلان يفيد بتنازل حركته عن مصالحها الضيقة لصالح تلك الدماء، وتكريما لها، ويثلج صدورنا بفعل حقيقي يثمر عن فك قبضته عن رقاب الناس في غزة، ووقف نزيف معاناتهم. يعلم مشعل انه لو فعلها، وصدق، ستكون دعوته بضرورة الاتفاق على استراتيجية نضالية مشتركة بكل خياراتها لتكون فاعلة وضاغطة على الاحتلال وتحقق الأهداف، واجبة التلبية، بل سيحرج كل من سيتخلف عنها، ولكن تجربة الاتفاقات التي وقع عليها قادة حركته، اثبتت ان كلام الليل يمحوه النهار، الامر الذي يدلل ان ما يتم طرحه للعلن يكون فقط بهدف الاستهلاك الاعلامي، فيما الصدق هو ما يرد على السنة بعض المتعصبين الذين يرفضون الحديث بدبلوماسية، كدبلوماسية مشعل. بالامس كتب احد شيوخ صحفييي حماس، علنا، ان المقصود بتسليم المعبر هو تسليم سلاح المقاومة، وهذا لن يحدث الا بعد تحرير فلسطين من البحر الى النهر، وبالتالي لن نسلم المعبر، مبشرا بقرب موعد التحرير مستخدما الاية الكريمة (ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا)، واظن هذا الموقف هو الاقرب لعقلية من يدير نظام الحكم في سلطة حماس، وغير ذلك بيع للهواء ليس اكثر. بالمناسبة لم يخبرنا خالد مشعل، ان كان التوافق الوطني الذي طالب به، المقصود مجاله في الضفة وغزة؟ ام في الضفة فقط؟ باعتبار ان الحال في غزة يشكل نموذجا للتوافق ينبغي تعميمه.