"الدولة الاسلامية".. كيفية ايقاف الشر العالمي- د. راضي الطميزي
المنظمة الارهابية "الدولة الاسلامية" واحدة من من اهم الاخطار على السلم العالمي . في الفترة من العام 2014 وحتى العام 2015 احتل مقاتلوها القسم الاكبر من اراضي العراق وسوريا, عدا ذلك انهم دخلوا الى البلاد الاوروبية وافريقيا الشمالية. وفقا لمختلف التقديرات, في صفوف الدولة الاسلامية هناك من 50 ألف الى 200 الف مقاتل , يسيطرون على مساحة تقدر بحوالي 90 الف كيلو متر مربع. فمن هو هذا اللاعب الجديد على الساحة الجيوسياسية؟
ظهور الدولة الاسلامية هو رد فعل على التدخل الاميركي الاوروبي في منطقة الشرق الاوسط. هذه السياسة ادت الى تعاظم الخلافات الموجودة هنا وولدت عملية اعادة التهيئة الهشة والمصطنعة لحدود الشرق الاوسط الموضوعة من قبل الغرب نفسه.
في الوقت الحالي "الدولة الاسلامية" ليست فقط منظمة ارهابية وانما شبه دولة (على الاراضي المحتلة من قبلهم). قادة الدولة الاسلامية يعلنون عن دورهم في "المعركة الاخيرة ما بين قوة الخير والشر" على ارض الشام, وتوجههم نحو اقامة الخلافة الاسلامية الدولية والقضاء على اسرائيل.
ومع ذلك الهدف الرئيسي للدولة الاسلامية يكمن في تقوية نفسها كقوة حربية-سياسية واقتصادية في المنطقة, الخلافة تضع هدفا لتوسيع حدودها ايضا في افغانستان وباكستان (الاخيرة تمتلك الاسلحة النووية).
في واشنطن وفي اوروبا يعلنون انهم يقرون بالخطر الجدي للدولة الاسلامية على كل الدول. القيادات الرسمية في الولايات المتحدة تقر بدورها, انهم يرون الدولة الاسلامية كخطر على الامن القومي, ومن اجل ذلك تعلن الولايات المتحدة دعمها لجميع القوى المضادة للدولة الاسلامية. ومع ذلك وفي الواقع واشنطن لا يمكنها تأمين تنسيق القوى الدولية بسبب الخلافات ما بين حلفائها في المنطقة (تركيا, اسرائيل, العربية السعودية). عوضا عن ذلك الخطأ المتكرر من قبل الادارة الاميركية يكمن في محاولة استخدام الخطاب المضاد للارهاب لتبرير توجهها الهادف للاطاحة ببشار الاسد بطريقة دعم القوى المعارضة له.
وفقا لراي عدد من الخبراء, الدولة الاسلامية هي اداة والتي عن طريقها يمكن اعداد بؤر توتر في الدول التي تمتلك موارد نفطية, وانابيب الغاز الطبيعي المسال المصدر لاسواق النفط العالمية, وبالاخص الى اوروبا ومنطقة اسيا- المحيط الهادئ, عدم الاستقرار بدوره يؤثر على الاسعار. بالاخص عند زعزعة الحالة الساسية العسكرية في دول بعينها التي تصدر النفط, الولايات المتحدة ترفع الاسعار على المحروقات. يخرج من اللعبة الجميع ما عدا السعودية وقطر.
التكتيك الارهابي الذي تستخدمه الدولة الاسلامية ادى الى ازمة انسانية لم يسبق لها مثيل منذ الحرب العالمية الثانية, نتج عنها هجرة جماعية لمواطني سوريا والعراق وبلدان اخرى في المنطقة الى اوروبا. سكان هذه البلدان العربية في الحقيقة جردوا من حقوق الانسان, كالحق في الحياة, الحصانة الشخصية وحصانة الممتلكات, الحرية الشخصية وحرية الديانات, الحركة واختيار مكان العيش, منع العمل الاجباري, وفي النهاية الكرامة الشخصية.
اكثر من سبعة ملايين شخص اصبحوا لاجئين قسريين في سوريا, حوالي اربعة ملايين ارغموا على الهرب الى الدول المجاورة, واوربا. هناك دائما يصبحون فريسة لتجار البشر, بناء على ذلك هناك حاجة ماسة للدفاع عن حقوق الانسان لهؤلاء الناس, المتضررون بسبب النزاع: المهاجرون, المهاجرون القسريون, اللاجئون.
"الدولة الاسلامية" تكبر بسرعة على ارضية السياسة العسكرية الساخرة لبعض الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة التي ساهمت في في زعزعة الاقتصاد العالمي وزيادة الازمة في اوروبا. من الواضح ان ايقاف الخلافة يمكن فقط بمشاركة اللاعبين الدوليين الاساسيين والذين يجب عليهم ان يعدلوا عن الطموحات الجيوسياسية والقوالب النمطية للحرب الباردة.
فقط التحالف الدولي الواسع الذي دعا له فلاديمير بوتين في الدورة السبعين للجمعية العمومية في منظمة الامم المتحدة بامكانه القضاء على الشر العالمي الجديد والا سيحتل الارهاب المزيد من العالم.