شكراً لليونان- عمر حلمي الغول
الثلاثاء الماضي صوت البرلمان اليوناني بحضور الرئيسين الفلسطيني واليوناني لصالح الاعتراف بدولة فلسطين بالاجماع، والتصفيق وقوفا. هذا وعقد البرلمان إجتماعا خاصا لصالح عملية الاعتراف وبحضور الرئيس محمود عباس، كشكل من اشكال التكريم، ودليل على المكانة الفلسطينية في اوساط الشعب والنخب السياسية اليونانية. لاسيما وان العلاقات، التي جمعت تاريخيا بين الشعبين والقيادتين خاصة في عقد الثمانينيات عندما دعا باباندريو، الرئيس الرمز ابو عمار لالقاء كلمة امام حزبه.
كما ان اليونان، كانت المحطة الاولى، التي حط فيها ياسر عرفات بعد خروجه من لبنان عام 1982، وانطلق منها لتونس. لا بل هناك روابط اعمق بين الشعبين، حيث يقال ان جزءا من الشعب الفلسطيني، يعود اصله الى اليونان من جزيرة كريت. أضف إلى ان بعض المصادر، تشير الى ان تسمية فلسطين، جاءت نسبة الى القبائل الفلسطينية، التي كانت تقطن بين دول البلقان الثلاث: بلغاريا ومقدونيا واليونان.
شكرا لليونان على هذه الخطوة الايجابية، التي تأخرت نسبيا. وكان الامل كبيرا بأهل الحضارة الاغريقية العظيمة، ان يكون الاعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية. خاصة وان السويد شكلت النموذج الاوروبي، وايضا كتعويض عن التأخر النسبي، ولكون اليونان مؤيد قوي لخيار السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. او على اقل تقدير، وسم البضائع المنتجة في المستعمرات الاسرائيلية المقامة على اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة عام 1967.
شكرا على هذه الخطوة التي حملت تطورا مهما في مسار العلاقات الثنائية المشتركة. حيث يعتبر الاعتراف اليوناني خطوة جديدة لتحفيز الدول، التي لم تعترف حتى الان بالدولة الفلسطينية. وتعزز من الحضور الفلسطيني على المستوى الدولي عموما وفي اوروبا خصوصا.
وكان لكلمة الرئيس ابو مازن، التي القاها في البرلمان اليوناني، اهمية متميزة لجهة ما حملته بشأن جواز السفر الفلسطيني، التي تنوي القيادة إتخاذها العام المقبل لتعزيز مكانة الدولة الفلسطينية على اكثر من مستوى وصعيد، منها إصدار نسخة جديدة من جواز السفر، ليتناسب مع الواقع الجديد بعد ارتقاء الامم المتحدة بمكانة فلسطين لمستوى دولة مراقب في تشرين الثاني 2012، أضف لما تنوي القيادة الفلسطينية القيام به في عام 2016 لصالح تطوير مكانة فلسطين في الامم المتحدة وغيرها من المنابر الاممية.
لكن الملفت للنظر، ان المتحدث باسم البيت الابيض الاميركي، شاء ان يضع بصماته على ما جاء في كلمة الرئيس عباس امام البرلمان اليوناني بشأن جواز السفر. وكأن لسان حال الادارة الاميركية، يقول للرئيس ابو مازن والقيادة الفلسطينية، لا تتعجلوا كثيرا في خطواتكم، وتريثوا كثيرا قبل الاعلان عن اي خطوة، وما لم تكون خطواتكم منسقة معنا وبموافقتنا، يكون من السابق لاوانه الحديث عن اية تطور في الجواز او غيره. وقصد كيربي، ربط المواقف الفلسطينية بالمشيئة الاميركية. ونسي السيد الاميركي، ان القيادة عموما وشخص الرئيس عباس خصوصا، تعي مكانة ودور الولايات المتحدة الاميركية في العملية السياسية. وتعلم علم اليقين ثقل الدور، الذي تحتله اميركا في السياسة الدولية، وطبيعة علاقاتها الاستراتيجية مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية. غير ان كل هذا على اهميته وتأثيره، ليس سيفا مسلطا على رقاب القيادة والشعب الفلسطيني. ومن حق منظمة التحرير ومن دون الدخول في اي تصادم مع إدارة اوباما او اي إدارة اخرى، اتخاذ ما يلزم للدفاع عن مصالح الشعب العليا، والدفاع عن الاهداف الوطنية، وبالمقابل عدم انتظار التصفية الاسرائيلية الكلية لعملية السلام.
مرة اخرى شكرا لليونان القيادة السياسية بمستوياتها المختلفة التنفيذية والتشريعية والقضائية والثقافية والاعلامية، وسيبقى الرهان على كل النخب اليونانية بدفع الخطوة الايجابية، التي اتخذها البرلمان امس الاول، نحو الامام بالاعتراف الكامل بالدولة الفلسطينية.
oalghoul@gmail.com