ترامب وغافني إلى مزبلة التاريخ- جهاد الخازن
هل سمع القارئ بالاسم فرانك غافني؟ هو بين أحقر لقطاء السياسة الأميركية، عارضتُ كل موقف له ورأي منذ سمعت اسمه في ثمانينات القرن الماضي، ومضى يوم اعتقدت معه أن غافني اختفى من الحياة السياسية الأميركية، ثم اكتشفت أخيراً أنه عاد.
هو عمل سنة 1981 في لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، وكان مساعداً للسيناتور هنري (سكوب) جاكسون المتطرف مثله قبل أن يعمل بين 1983 و1987 نائب مساعد وزير الدفاع وهذا كان المتطرف الآخر ريتشارد بيرل. عندما عمل هذا «الواطي» (من عنوان زاوية الصحافي البريطاني الراحل جيفري برنارد في مجلة «سبكتاتور») في وزارة الدفاع مُنِع من متابعة مفاوضات نزع التسلح مع الاتحاد السوفياتي، وجاء فرانك كارلوتشي وزيراً للدفاع فطُرِد من عمله خلال أيام.
في 1988، أسس غافني مركز سياسة الأمن المتطرف مثله، وكانت سياسته دائماً تؤيد إسرائيل وحروب أميركا ضد العرب والمسلمين حتى أن «بي بي سي» قالت أنه «غير عالي الاحترام» وموقع «صالون» أنه «لا احترام له».
إذا راجع القارئ سيرة فرانك غافني في أي موقع إلكتروني من نوع غوغل سيجد أنه متهم بالترويج لنظريات المؤامرة، فهو زعم أن صدام حسين لعب دوراً في إرهاب 11 - 9 - 2001 في الولايات المتحدة، واتهم غروفر نوركويست، العضو البارز في الحزب الجمهوري، بأنه «يعمل منذ عقد للعدو» ما جعل الاتحاد المحافظ الأميركي يدينه ويطرده من عضويته، واتهم هيلاري كلينتون ومساعدتها هوما عابدين بأنهما عميلتان سريتان لـ «الإخوان المسلمين»، وقال أن باراك أوباما لم يولَد في الولايات المتحدة، بل إنه زعم يوماً أن السياسة الأميركية تمهد لتنفيذ غزو أميركي لإسرائيل.
لن أقول أن غافني مجنون لأن هذا يعفيه حسب الشرع الإسلامي من المسؤولية عن أعماله، وقد توكأت على الشريعة هنا عمداً لأن غافني نشر سنة 2010 كتاباً عنوانه «الشريعة: تهديد أميركا» وله برنامج إذاعي متطرف مثله يبث عبره سمومه التي يصدقها الحمقى والمجانين وليكود أميركا.
إذا كان القارئ صبر عليّ حتى الآن فأنا أشكره وأؤكد له أنني لم آخذه في سياحة تاريخية، فسبب هذه السطور أنني وجدت أن غافني هو مستشار المهرج دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية، وأن السيناتور تيد كروز وقف إلى جانبه قبل آخر مناظرة تلفزيونية بين المتنافسين الجمهوريين على الرئاسة، وقال «فرانك وطني يحب هذا البلد، ونظره حاد في موضوع التهديد الرديكالي الإسلامي...».
لا أعتقد أن هذا التهديد أسوأ أو أخطر من تهريج ترامب وجهل كروز. أدين الدولة الإسلامية المزعومة إدانة مطلقة ومعها «داعش» و «النصرة» و «القاعدة» و «أنصار بيت المقدس»... وإسرائيل طبعاً فإرهابها من نوع إرهاب تلك الجماعات المجرمة.
قرأت في صحف أميركية كبرى وفي مواقع إلكترونية من مختلف الأنواع أن فرانك غافني كان وراء موقف دونالد ترامب من المسلمين، وطلبه في مناظرة لاس فيغاس منع دخولهم الولايات المتحدة. العناوين لا تحتاج إلى شرح فقد كانت من نوع «الرجل الذي أوحى لترامب والمتنافسين الآخرين بموقفهم من المسلمين»، و «قابلوا فرانك غافني، عدو المسلمين الذي طلع بالاستطلاع الذي توكأ عليه ترامب»، و«قابلوا عدو المسلمين الذي أوحى لترامب بإعادة تعريف التطرف».
إذا كان غافني يوحي لترامب، وإذا فاز ترامب بالرئاسة، فسنترحّم على جورج بوش الابن. غير أنني واثق من أن ترامب وغافني سينتهيان في مزبلة التاريخ.