من الخصام الى التحالف بين تركيا واسرائيل- حافظ البرغوثي
بعد ان خرجت شباكها فارغة من سوريا والعراق تحاول تركيا الصيد في المياه البعيدة حيث قررت اقامة قاعدة عسكرية في قطر بحجة مواجهة ايران مع ان ايران اقرب اليها من خلال حدودها الشرقية الجنوبية مع العراق، وهي في الحقيقة تحاول ايجاد موطئ قدم لها في الخليج وكأنها تريد مناكفة المملكة العربية السعودية التي اخذت تعيد حساباتها في العلاقات الخارجية على ضوء الخذلان الاميركي لها، كما ان انقرة تريد خلخلة التحالف الخليجي مع مصر ايضا لإضعاف النظام المصري الذي يحاول البناء من جهة ومواجهة الارهاب الذي يرضع من اثداء خارج مصر مالا واسلحة وقواعد.
وفي موازاة ذلك بدأت تركيا في توثيق علاقاتها مع اسرائيل امنيا واقتصاديا وعسكريا كما كانت في السابق لكنها هذه المرة تريد ادارة قطاع غزة لفك الضائقة والعزلة عن حركة حماس الذراع الفلسطيني للتنظيم الدولي للاخوان ومقره تركيا، وهي خطوة ايضا للتحرش بمصر واستفزازها. اذ يبدو ان هاجس مصر يؤرق اردوغان كما أرق السلطان سليم الاول عام 1516 وتصدى لمحاولة مصر بقيادة قانصوه الغوري وقف الزحف العثماني نحو سوريا، لكن هذه المرة نرى ان تركيا قد تحاول الزحف نحو مصر عبر غزة ولو بدعم من اسرائيل. ونعلم ان الإدارة الاميركية ابدت قلقها لاسرائيل من ان استقرار مصر سيعني لاحقا الحاق الضرر باسرائيل وأن اسرائيل تمادت في التعامل بهدوء مع مصر، ولذلك نتوقع ان يغير نتنياهو سياسته تجاه مصر في حالة تحالفه مع اردوغان خاصة وان اردوغان ابرم صفقة مع واشنطن من اهم بنودها اعادة تدعيم العلاقات مع اسرائيل. فالطرفان متحالفان الآن برعاية اميركية فهل تكون مصر العدو المشترك ! مع ان مصر لم تقم بأي عمل عدائي ضد تركيا.
كان يجب على الرئيس التركي وهو على قدر كبير من الدهاء والذكاء ان يمارس سياسة التسامح مع البلاد العربية وان يدعم المصالحات لا العداوات مثلما تصالح مع خصمه فتح الله غولن الذي اعاد دعمه انتخابيا وحقق اغلبية برلمانية. لكن التحالف مع اسرائيل سينظر اليه وكأنه تحالف استعماري جديد يريد إذكاء الفتن والحروب ويذكرنا بأيام حلف بغداد سيئ الذكر. فهل يتعظ اردوغان من النهايات غير السعيدة ضد الشعوب ؟