"هيئة الأسرى": الأسير فادي أبو عطية تعرض لتعذيب وحشي أثناء اعتقاله    سلسلة غارات للاحتلال تستهدف مناطق متفرقة في لبنان    رام الله: قوى الأمن تحبط محاولة سطو مسلح على محل صرافة وتقبض على 4 متهمين    أبو الغيط: جميع الأطروحات التي تسعى للالتفاف على حل الدولتين أو ظلم الشعب الفلسطيني ستطيل أمد الصراع وتعمق الكراهية    قوات الاحتلال تغلق حاجز الكونتينر شمال شرق بيت لحم    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم جنين لليوم الـ34    لليوم الـ28: الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها    الاحتلال يقتحم قباطية ويجرف شوارع ويدمر البنية التحتية    الطقس: فرصة ضعيفة لسقوط الامطار وزخات خفيفة من الثلج على المرتفعات    الاحتلال يؤجل الافراج عن الدفعة السابعة من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار    شهر من العدوان الاسرائيلي على مدينة ومخيم جنين    الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم وسط اعتقالات وتدمير واسع للبنية التحتية    الرئيس يصدر قرارا بتعيين رائد أبو الحمص رئيسا لهيئة شؤون الاسرى والمحررين    معتقل من يعبد يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال    تشييع جثمان الشهيدة سندس شلبي من مخيم نور شمس  

تشييع جثمان الشهيدة سندس شلبي من مخيم نور شمس

الآن

الصفقة التركية الإسرائيلية.. ننتظر التوضيحات- باسم برهوم

التسريبات الاسرائيلية والتركية حول قرب عقد صفقة تعيد تحالف الجانبيين الى سابق عهده وتنظم مُستقبل العلاقات في مختلف المجالات بينهما، تجعل من الضروري القاء الضوء مُجدداً على الدور الاقليمي الذي تلعبه تركيا وتود أن تلعبه في المستقبل بالشرق الأوسط وفي المجال العربي بشكل خاص. صحيح أن مصادر الطرفين لا تزال تتحدث عن بعض العقبات والتفاصيل التي تحتاج الى مزيد من البحث، إلا أن ذات المصادر أكدت أن تفاهما قد تم بين الجانبين على الخطوط الاساسية والعريضة لهذه الصفقة.

من دون شك أن العرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً يتابعون باهتمام وترقب تطورات هذه الصفقة وتفاصيلها، وبالنسبة لنا نحن الفلسطينيين نتابع مدى تأثيرها على القضية الفلسطينية، والواقع الفلسطيني الداخلي، كون حماس وقطاع غزة اللذين تعتبرهما تركيا جزءا من نفوذها، هما مدار حديث بين الجانبين في إطار هذه الصفقة.

كما أن عددا من الأسئلة قد تُثار على هامش الحديث عن مدى اهمية العلاقات التركية الاسرائيلية، باعتبارها مسألة مهمة واستراتيجية على ما يبدو بالنسبة للطرفين، وذلك بالرغم مما اعترى هذه العلاقات من اضطراب بعد حادثة سفينة مرمرة عام 2010. وهُناك اسئلة ايضاً حول الدور التركي الاقليمي، واذا ما كانت العودة الى التحالف مع اسرائيل تعني انكماش هذا الدور وتراجعه عربياً.

للإجابة عن كل ذلك، لا بد أولاً استعراض بعض الحقائق التاريخية و الجيوسياسية، المتعلقة بتركيا. والتي لا بد من أخذها بعين الاعتبار عند الحديث عن الدور الاقليمي التركي الراهن وطموحاتها في المنطقة وفي المجال العربي. وهُنا لا بُد من الإشارة الى العلاقة التاريخية والدينية التي تربط تركيا بالعالم العربي، فمعظم الدول العربية كانت جزءاً من الإمبراطورية العُثمانية التركية لأكثر من 400 عام، وتركيا راهناً هي احدى الدول الاساسية في منطقة الشرق الأوسط، وهي أيضا الخاصرة الجنوبية الشرقية لأوروبا. وحلقة الوصل والبوابة بين الغرب والعالم الاسلامي، إضافة الى موقعها الجغرافي الاستراتيجي وتحكمها بمضائق وممرات مائية حيوية كمضيقي البسفور والدردنيل، وفوق هذا كله بروز تركيا في السنوات  الأخيرة كقوة اقتصادية ذات وزن في الاقتصاد الدولي.

لذلك يُمكن اعتبار تركيا راهناً هي احدى الدول العظمى الاقليمية في الشرق الأوسط الى جانب ايران واسرائيل كما لابد من الاشارة الى انها عضو مؤسس في حلف الاطلسي، وهي احد أهم حلفاء الولايات المتحدة الامريكية الراسخين والثابتين، والذين يعتمد عليهم منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن. كما أن تركيا والى جانب ايران الشاه كانتا أول دولتين إسلاميتين تعترفان بإسرائيل عام 1949. ومنذ ذلك التاريخ حافظت تركيا وبرعاية امريكية كاملة على علاقة  تحالف أمني وعسكري واقتصادي مع اسرائيل، تحالف ذي طابع استراتيجي لا تؤثر التوترات العابرة على أسسه ومكوناته الرئيسية مثل الأمن والاقتصاد والعلاقات العسكرية.

تركيا بزعامة أردوغان كانت تتأرجح في خياراتها بين الانضمام للاتحاد الاوروبي والذي مثل أولوية بالنسبة لها، وسعت الى تحقيقه بمختلف السُبل، وبين التمدد بدورها وعلاقاتها السياسية والاستراتيجية والاقتصادية في مجالها التقليدي القديم، العالم العربي والاسلامي . وعندما فشلت مساعيها للانضمام للاتحاد الأوروبي، حسم أردوغان أمره واتجه جنوباً وشرقاً، هذا الاتجاه كان بحاجة لأدوات وحلفاء، ادوات ايديولوجية وعقائدية، فكان الاسلام السياسي بالطبع، وحلفاء من هذا الاتجاه، ابرزهم جماعة الاخوان المسلمين، ومن ضمنها حماس في قطاع غزة، والذي يعتبر حزب العدالة والتنمية جزءاً من هذه الجماعة، إضافة الى حلفاء من بين الدول وكانت قطر في طليعة هؤلاء خصوصاً بعد خروجها من الحلف الايراني السوري.

ما سَهل ومهد الطريق أمام تمدد تركيا جنوباً، الانهيار العربي الشامل الذي ترافق مع الصعود التركي، وخصوصاً بعد الربيع العربي و تفكك الدولة الوطنية العربية كما حَصل في سوريا والعراق وليبيا.

الدور والتمدد التركي بلغ ذروته عندما تسلمت جماعة الإخوان المسلمين حُكم مصر وبدأ أردوغان يشعر أنه أقرب من أي وقت مضى من تحقيق حلمه الامبراطوري، إلا أن هذا الطموح وهذا الحُلم سرعان ما تهاوى مع سقوط حُكم جماعة الاخوان والرئيس مُرسي في مصر عام 2013، وبقيت الورقة القديمة- ورقة القضية الفلسطينية وبالتحديد ورقة حماس وقطاع غزة.

الدخول الروسي العسكري المُباشر على خط الأزمة السورية، ومن ثم حادثة إسقاط تركيا للطائرة الحربية في أكثر من شهر، وما تبع ذلك من تداعيات سياسية واقتصادية، قلبت كل المعادلات أمام الدور التركي الاقليمي الذي ازداد انكماشاً وتلاشيا، بموازاة ذلك الطموح الامبراطوري لدى أردوغان، مما أجبره للعودة الى حلفه القديم مع اسرائيل وهو الحلف المرغوب لأمريكا.

وبغض النظر عن انكماش الدور التركي أو تمدده، وبغض النظر عن سلبيات وايجابيات هذا الدور، فإن ما يهمنا نحن الفلسطينيين، الذين ننظر الى تركيا كدولة مهمة وصديقة، وننظر الى علاقة ايجابية ومتوازنة وراسخة تخدم الطرفين، فإن ما يهمنا هو مدى انعكاس الصفقة مع اسرائيل على القضية الفلسطينية، وإذا ما كانت هذه الصفقة ستؤثر سلباً على قضية القدس ومقدساتها، والمسجد الأقصى، واذا ما كانت أيضاً ستُطيل عُمر الانقسام الفلسطيني وتقزيم القضية الفلسطينية كما وكأنها تقتصر على حصار قطاع غزة، بالرُغم من أهميته. فالجانب الفلسطيني الذي يرى أنه من حق تركيا ان تصيغ علاقاتها الخارجية بالطريقة التي تراها مناسبة لمصالحها. فاننا نطالب الاصدقاء الاتراك تقديم التوضيحات حول الصفقة وبأنها لا تعني التخلي عن القدس والاقصى ولا تُعمق الانقسام والشرخ الفلسطيني وتؤبده.

 

Za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025