حرب إبادة- حافظ البرغوثي
قبل قرابة مئة سنة اي في عام 1916 تم التوصل الى اتفاقية بين البريطاني مارك سايكس والفرنسي فرانسوا بيكو حول تقاسم النفوذ في البلاد العربية بعد هزيمة تركيا في الحرب العالمية الاولى. وكانت روسيا القيصرية طرفا في الاتفاق السري لكن بعد الثورة الشيوعية فضح الشيوعيون سنة 1917 تفاصيل المؤامرة وسارعت بريطانيا الى الاعلان عن وعد بلفور وقد تم تعديل الاتفاقية عدة مرات من بينها تعديل في لوزان السويسرية سنة 1924 تم بموجبه منح تركيا الاقاليم الشمالية من سوريا لإرضاء كمال اتاتورك الذي الغى الدولة العثمانية واقام دولة علمانية غربية.
حاليا تدور رحى فتن وحروب في المنطقة العربية لوراثة النظام العربي القديم واعادة تقسيم مناطق النفوذ بهدف اضعاف الدول التي ستنجم عن التفتيت المنظر للتقسيم السابق، وكما قلنا مرارا فإن الهدف الشامل للقوى التي تثور والقوى التي تتدخل من الخارج هو إماتة الشعور القومي العربي بضربه بجماعات واحزاب ذات شعارات دينية او مذهبية او عرقية او قبائلية ذات تبعيات للخارج وليس للداخل، اي انها اذرع استعمارية تخريبية وليست ثورية ابدا.
كان التفتيت يسير بوتيرة عالية وبدأت تتضح معالم التقسيمات والكيانات الجديدة التي ستنشأ في الدول المنكوبة وبدأت عمليات التطهير العرقي والتهجير الداخلي في العراق وليبيا وسوريا وبدأت عمليات تهجير السنة السوريين الى اوروبا وبقية القارات لايجاد دويلات مذهبية او عرقية في سوريا مثل العراق. الا ان التدخل الروسي بغض النظر عن رأينا فيه اعاد خلط الاوراق مجددا وربما عرى مخططات التفتيت مثلما عرى الشيوعيون اتفاق سايكس بيكو، فالأزمة في المنطقة وان قال الكثيرون انها في طريقها للحل التدريجي الا انها مرشحة للاستمرار لسنوات مقبلة. فلن يقنع المشاركون والمخططون في هذا الكرنفال الدموي الخبيث بما في ايديهم الملطخة بالدم العربي مهما كان موقع الجسد الذي يسيل منه. ولن ابالغ ان قلت انها حرب ابادة للمشاعر الدينية والقومية العربية.