كالفزاعة؟- موفق مطر
يدرك المناضلون في الحركات الوطنية بأن القصب الأجوف الهش قد يصلح لبناء عرائش ومظلات مؤقتة ولغرض آني، أما المؤسسات الوطنية فإنها تحتاج لبناء رجال دولة قبل إنشاء الأعمدة والقواعد الإسمنتية للمؤسسات أو تزيينها بالديكورات من الأثاث والكمبيوترات!.
يصنع المناضل المؤمن بالحرية والسلام زمنا يتقدم، لا يتراجع أبدا! وعليه فإن انجاح تجربة السلطة الوطنية في إطار المشروع الوطني الشامل بات أمرا مصيريا للشعب الفلسطيني، لا خيار أمامنا إلا التقدم لتجسيمه كإحدى الحقائق التاريخية، وخط صفحة تاريخ حديث من باب الشرعية الكفاحية والهوية الثقافية.
ليس أمام المناضلين الا حلف يمين الطلاق على الارتجال بالعمل، طلاقا أبديا لا رجعة فيه، والانفتاح العقلاني لرسم الخطط والبرامج، فصياغة المبادئ وتحديد الأهداف وآليات العمل وإجراء المراجعة النقدية سبيل قويم لا بد منه لانتصار الحركات الوطنية.
على كل من اوكلت اليه مهمة مدنية أو عسكرية، ولم ينجح في مهمته تقديم استقالة مرفقة بإفادة عن سبب إخفاقه في المهمة!! قبل أن تـأخذ محاكم خاصة هذا الدور، فقضايا الإخفاق والفشل تستحق جزاء بإجراءات قضائية وتحديدا على أصحاب المراتب العليا والموظفين الكبار قبل الصغار الذين يثبت تورطهم أو قد ثبت في قضايا فشل سببها الفساد ربما، بات واجبا أن يعلم المناضلون في الحركة الوطنية ان الفشل في المهام الوظيفية في مؤسسات السلطة الوطنية، إفشال مقصود للأهداف الوطنية، يستحق التحقيق والمحاكمة والعقاب، ومن يدري فقد لا نتفاجأ بشكاوى قضائية ترفعها هيئات فصائل العمل الوطني القيادية على أشخاص ينتسبون اليها استغلوا بضربة مزدوجة مناصبهم ومواقعهم في مؤسسات السلطة الوطنية ولم يفلحوا الا بصنع ملفات زاخرة بالخيبة والخسارة والمكاسب الشخصية أو ساهموا عن قصد أو بدون في الفساد الإداري والمالي، فعلى هؤلاء أن يعلموا أن خطاياهم جريمة بحق الوطن كله.
لا تحسب حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" النجاح والخسارة بمعيار مصالحها وانما بمعيار المصلحة الوطنية الفلسطينية، وبمعيار تقدم المشروع الوطني وتثبيت دعائم المؤسسات، والنظام المؤسساتي.
أن يعلم كل مناضل في الحركة الوطنية سير الخط البياني لعملية البناء الوطني فهذا امر يساعد الاطر التنظيمية لحركة التحرر الوطنية الفلسطينية بكل فصائلها الاسهام بدور ما في مراقبة وتقييم أداء المناضلين المكلفين بالمهام الوطنية، وممارسة النقد البناء معهم، وتوجيه الملاحظات، وتوجيه إنذارات تنظيمية عند كل محطة تقصير.
قبل محاسبتهم قانونيا. لا مجال أمام المناضلين الوطنيين إلا استعادة النشاط الذهني العقلاني والبدني للتخلص من شحوم الترهل والاتكالية التي كادت تراكماتها تصيب المشروع الوطني بانسداد شرايين العلاقة مع الجماهير " فالفشل والفساد كفيروسات الطاعون والايدز يدمران خلايا الشخصية والهوية الوطنية الفلسطينية من الداخل، ولا يبقى لنا الا الشكل والهيكل كالفزاعة في الحقل.