فشل الأمن الاسرائيلي- عمر حلمي الغول
أسبوع مضى بعد تنفيذ نشأت ملحم عمليته في ديزنغوف، تحركت كل اجهزة الأمن الاسرائيلية بحثا عن ابن المثلث، لكن دون جدوى. وكانت عملية البحث والتفتيش الأكبر من نوعها منذ عام 1980، أضف إلى انها بمعايير اللحظة الزمانية والحداثوية، فإن لدى المؤسسة الأمنية الاسرائيلية تقنيات وكل مقومات ثورة الاتصالات والمعلومات، ومع ذلك باءت جهودها بالفشل الذريع.
ومن مظاهر ذلك، اولا: لم تتعرف المؤسسة الأمنية على منفذ العملية؛ ثانيا: لم تتمكن من العثور عليه، مع انه بقي محتفظا بالسلاح، الذي استخدمه؛ ثالثا: عاش الشارع الاسرائيلي إرباكا وخوفا حقيقيا من شبح منفذ العملية، حتى ان العائلات الاسرائيلية لم ترسل ابناءها للمدارس في منطقة الحدث؛ رابعا: تخبط في المعلومات الأمنية، مرة اتهامه بأنه من "داعش" ومرة "تمكن من اللجوء للضفة الفلسطينية" ومرة ثالثة "اتهام والده وشقيقه وابناء عمومته واصدقائه بمساعدته" وأخيرا "كان وحده، ولم يساعده أحد"؟!
النتيجة الجلية للجميع، هي إفلاس وعجز اجهزة الأمن الاسرائيلية عن التعرف على الشهيد، وتتمثل في ان والده، هو من تعرف عليه من خلال شريط الفيديو، الذي التقطته الكاميرات المنتشرة بالشوارع، ثم اتصل بالشرطة الاسرائيلية، وابلغهم بأمر ابنه؛ كما ان محامي العائلة، هو الذي كشف مخبأه، وليس "عبقرية" الأجهزة الأمنية. وبالتالي أين البطولة في عمل تلك الأجهزة؟ وبالاساس لماذا لم تقم الشرطة الاسرائيلية منذ اللحظة الاولى للعملية من التصدي له، لا سيما وان العملية لا تبعد سوى أمتار عن مقرها؟ وكيف تمكن من الخروج من المنطقة بهدوء ودون ان يراه احد؟ وكيف عاد الى قريته والاختباء بها دون ملاحقة أثره؟ أين المؤسسة الأمنية بكل جبروتها وامكانياتها؟ أولم يكن من الأفضل لوزير الأمن الداخلي، اردان الصمت بدل التبجح، هو ورئيس وزرائه عن كيل المديح لمن اطلق النار بخسة ونذالة على نشأت دون اعتقاله؟ أين هي الشجاعة والرجولة في العملية الجبانة؟ ولماذا لم يتم تقديم قادة الأجهزة الأمنية والقتلة للمحاكمة نتيجة إفلاسهم؛ أين دولة القانون من الجريمة، التي حصلت؟
كل الاسئلة المطروحة تفرض على الحكومة الاسرائيلية وقيادة الشاباك والشرطة وباقي المؤسسة الأمنية الاعلان الصريح عن الهزيمة والفشل والاقرار بان الشهيد نشأت، هو من كان بطلا وليس القتلة من الوحدة الاسرائيلية الخاصة، لأنه نفذ عمليته برباطة جأش، وانسحب من المنطقة دون ضجيج وبهدوء، أضف إلى انه لم يمنح قوات الأمن فرصة اللحاق به او معرفة مخبئه.
ودليل آخر على إفلاس المؤسسة الأمنية الاسرائيلية، هو طريقة الانتقام من ابناء بلدة عرعرة، والتعامل معهم كأعداء، وليس كمواطنين يحملون الجنسية الاسرائيلية، والتحريض المعلن عليهم عبر وسائل الاعلام وفي مختلف المنابر، ومطالبة المواطنين الفلسطينيين في الجليل والمثلث والنقب بتسليم اسلحتهم غير المرخصة؟ ولم يسأل أي مسؤول امني او سياسي، لمن يسلمون اسلحتهم؟ وأين هي الشرطة واجهزة الأمن الاسرائيلية لتتسلم الأسلحة؟ ولماذا لم يتم الطلب من كل حامل سلاح غير مرخص بغض النظر عن ديانته مسلما أم مسيحيا ام يهوديا ام غير ذلك تسليم اسلحته؟ ولماذا يتم الحديث عن الفلسطينيين، وكأنهم دولة في الدولة؟ وأين هي الدولة لتتحمل مسؤولياتها تجاههم؟ أوليس هناك عشرون مركبا من منظومة الدولة في الدولة، دولة المافيات ودولة الحريديم ودولة قطعان المستعمرين ودولة الاشكناز ودولة السفرديم ودولة الروس ودولة الفلاشا.. إلخ؟
الشهيد نشأت ملحم انتصر وهم هزموا، مع انه استشهد على يد رجال الأمن الاسرائيليين الجبناء. وتجلى نجاحه في إماطة اللثام عن خواء وإفلاس المؤسسة الأمنية الاسرائيلية.
oalghoul@gmail.com