نتيجة لعبثهم في الدين والسياسة - موفق مطر
أمام العرض الايراني المشروط على حماس ليس امامها طريقا للخلاص إلا حكومة الوفاق الوطني، وتنفيذ اتفاق القاهرة واعلاني الدوحة والشاطئ ان ارادت لأهلنا في غزة ألا يقعوا ضحية لعبتها الخاسرة سلفا مع اللاعبين الكبار في الاقليم. لا يمكن لحماس قبول اشهار موقف مساند لايران ضد السعودية، ولا يمكنها كذلك اشهار موقف مع السعودية ضد ايران، لانها في الحالة الاولى ستخسر مابقي لها من مؤيدين فيما يسمى الشارع السني، أما في الحالة الاخرى ستخسر دعما ماليا ايرانيا يمر عبر قيادات جناحها العسكري مازال ساريا رغم خلافات طهران مع قيادتها السياسية، فطهران لاتريد خسران جيبها القائم في غزة رغم غلق حنفية المال المسيس باتجاه حماس المسيطرة على قطاع غزة بقوة السلاح منذ انقلابها على الشرعية الفلسطينية عام 2007، لكنها بذات الوقت لاتعبأ كحماس ايضا بمصير مليوني فلسطيني في غزة مازالوا كرهائن، خطفتهم حماس بسياستها العبثية العدمية، لتنفيذ اجندة مجردة من البعد الوطني، يثبت كل يوم مدى ارتباطها بقوى خارجية، كجماعة الاخوان المسلمين، ودول كقطر وتركيا وايران، حيث تطمح كل دولة للعب دور اقليمي، عبر اخذ مكان ما في الساحة الفلسطينية رغم ادراكهم تأثيرات سياساتهم السلبية هذه على القضية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني، وما فيها من خدمة مباشرة لمشروع اسرائيل الاحتلالي الاستيطاني. لا تناقض يشبه مواقف حماس في السياسة، فهي تضحي بمليوني فلسطيني رهائن لديها في قطاع غزة لأن مشروعها الخاص المرتبط بمشاريع جماعة الاخوان ودول اقليمية، ثم يخرج قادتها بمبررات لسياستها بقولهم: "لا نستطيع ان نكون ضد الشعوب" في لغة هلامية انزلاقية زئبقية، يظن قادة حماس انها كفيلة بتمرير سياستهم من عنق الزجاجة المحشورين فيه، وأزمة حركتهم المالية الخانقة، بعد اعتبار انقرة علاقتها مع اسرائيل مصيرية، وانقطاع الدعم السياسي وبعض المالي عن حماس بسبب موقفها من المشكلة السورية. لا يمكن لحماس التحرر من اعلان المواقف المحرجة والمخسرة حتما، ما دامت تطرح نفسها كيانا سياسيا خاصا ممثلا للفلسطينيين، ومادامت ترفض الانخراط في بوتقة حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، والاعتراف الحقيقي الصادق بمنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والانسحاب نهائيا من عقلية الانقلاب والتفوق والاحتكام لصناديق الرصاص، واللجوء الى بعض التعقل بتمكين منظمة التحرير الفلسطينية بمكوناتها: السلطة الوطنية بكل مؤسساتها واجهزتها بما فيها حكومة الوفاق الوطني من مهامها وسيادتها ومسئولياتها القانونية، بالتوازي مع مراجعة نقدية لميثاقها ومفاهيمها وتعاميمها، لأنها بهذا الموقف العدائي من الكل الذي يتبنى المشروع الوطني ستبقى مطمعا ومنفذا لهذه القوى الاقليمية، التي لاتريد خيرا لا لحماس ولا للفلسطينيين جميعهم، وستبقى عرضة لللابتزاز السياسي، والاستغلال الذي يدفع ثمنه الفلسطينييون كلهم في قطاع غزة والضفة والقدس وحتى داخل فلسطين المحتلة عام 1948 باهظا، فمواقف قادة حماس وسياستهم التي باتت مشدودة لأكثر من الاتجاهات الأربعة تضعف الموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي، وتضعف انجازات الحركة الوطنية الفلسطينية، وتقلل من مشروعيتها وتحديدا القانونية، خاصة في ظل تنامي المواقف الدولية مما يسميها العالم اليوم (جماعات ومنظمات الارهاب) المردوفة بالاسلاموي. لدى حماس فرصة ذهبية للخلاص بالذهاب الى الوحدة الوطنية باخلاص، للتحرر من سطوة الابتزاز واستغلال ظروفها المادية والسياسية، فليس للفلسطينيين الحمساويين الا ابناء جلدتهم الفلسطينيون الوطنيون، الذين نجحوا من قبل في مواجهة محن سياسية، واتخذوا من القرار الفلسطيني المستقل سبيلا للتوازن في العلاقات مع جميع الأشقاء والأصدقاء، والقوى ايا كانت ايديولوجياتها، والعبرة في ذلك ان فصيلا او حركة لم تحمل على عاتقها عبء موقف ما من قضية او مشكلة او محور او مستجد سياسي، فموقف القيادة الرسمي الموحد يحمي مصالح الشعب الفلسطيني العليا، وهذا ما يجب على قادة حماس ادراكه في هذه اللحظة التاريخية، والا فان التاريخ سيسجل عليهم انهم قد اخذوا الملايين من الشعب الفلسطيني معهم الى الهاوية نتيجة لعبثهم في الدين والسياسة.