جاهلية العصر الحديث بلباس جديد - تمارا حداد
سمعنا كثيرا عن مفهوم الجاهلية وقد يكون المفهوم هو ان الامة بشكل عام لا تقرأ ولا تكتب ، ولكن الجاهلية ليست بذلك المفهوم الذي تداركناه والدليل ان في عصر الجاهلية كانت لغة الخطابة والبلاغة والشعر على اوجهها وقد تميزت تلك الفترة بتواجد المفكرين والعلماء والأدباء وعلماء الفلك .
اما اليوم في عصرنا الحالي والمتقدم بكافة اشكال التكنولوجيا والشبكات المعلوماتية نلاحظ انها تميزت بمفهوم الجاهلية لانتشار الفساد والانغماس بالمصالح الشخصية وانتشار الوساطة وإثارة الحروب بين الدول العربية وسيطرة الجهل والبعد عن روح الثقافة .
اذن مفهوم الجاهلية لا يقتصر بعصر ما قبل الاسلام بل يتواجد في عصرنا الحالي فلذا نعرف الجاهلية هو حالة تعتري الامم عند تخليها عن دينها في أي زمن من الازمان . فنحن اليوم ابتلينا بهذا الجاهلية في عصرنا المتقدم من اناس يقرؤون ويكتبون ويرون ويسمعون انها جاهلية بلباس جديد في عصر جديد .
فهي جاهلية ليست بعبادة الاصنام والشمس والقمر بل بعبادة وإتباع العبيد و الدول من اجل المصالح الشخصية . هي ليست بفترة انتشار القتل دون حق بل فترة انتشار الارهاب في كل مكان في العالم فهي قضية قديمة نوعا ما ترتبط بوجود محرض خارجي دوافعه ليس لنشر الدين بل بمحاربة الدين بواسطة الارهاب .
هي ليست فترة اجهاض الاطفال ووئد البنات بل بفترة كثر فيها العنوسة للفتيات بسبب الاحوال الاقتصادية السيئة وعدم توفر فرص العمل وانتشار البطالة بكافة انواعها . هي ليست بفترة لا يتواجد فيها القانون بل بفترة كثر فيها خريجي القانون ولكن بوجود المحسوبية والواسطة والتمسك بتقاليد العشيرة بان اوصلنا مفهوم الجاهلية الى ان يبرأ المجرم ويوصف بالمدافع عن الحقوق ويجرم البريء ويوصف بالإرهابي .
هي ليست بفترة بان لا يتوافر فيها الانترنت والفيس بوك بل فترة انتشار الانحلال الاخلاقي وتزايد الاعلام المضلل للمصالح الشخصية ولصالح الدول العظمى فأغار هذا الاعلام من اجل المال على الانسانية والأخلاق ، هي ليست بفترة الوثنية بل فترة اننا تخلينا عن قرآننا ، هي ليست بفترة انغماس الناس بملذات الحياة بل بفترة انتشار الشر والحماقة والطيش وسوء المعاملة والبعد عن روح التعاون والتكافل والتراحم بين الناس .
هي ليست بفترة اختراع الدواء بل فترة ازدياد الامراض والضغط والسكري والقلب وانتشار الجلطات بين اواسط الشباب . هي ليست بفترة انارة الكهرباء بل فترة ان في حياتنا مناطق يجب ان تبقى في ظلام والويل كل الويل لمن يسلط الاضواء عليها بيديه . هي ليست بفترة عبادة الشمس بل فترة ان الشمس باتت نائمة في بلد كله ظلام ، هي ليست بفترة ان النور لا يحمل طيات هذا العصر بل تسمى عصور الظلام لا لان النور لا يسطع فيها ولكن لان الناس يرفضون رؤيته .
انها جاهلية صماء اكلت العقول ومحقت الاعمار مع كل التطورات نسال انفسنا لماذا ازدادت المشاكل والمآسي وزاد عبء التطور على انفسنا بازدياد الحيرة الذي عشش عقولنا . نهيب بنور العلم الذي اشرقت به الظلمات بان يطارد ظلام الجاهلية حتى يصرعه ليعم منهج الحق وتمحى الضلالات ولا بد اشراق الضوء في اخر النفق .
فأينما ذهبت اصطحب ضوء الشمس الخاص بك ..