"لا تقتلي الرسول يا إسرائيل" - حسن سليم
حتى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، صاحب المواقف الاكثر سلمية في العالم، والذي نعرفه جميعا بموقف التعبير عن قلقه، لم يسلم من تحريض اسرائيل، فقط لانه قدم النصيحة لها وللعالم، بان تتدارك الامور قبل ان تنفلت عقالها، ويصبح من المستحيل احتواء تداعياتها. ويكاد يكون موقف الامين العام الوارد في مقالته المنشورة في صحيفة "النيويورك تايمز" الأميركية تحت عنوان "لا تقتلي الرسول يا إسرائيل"، يتطابق تماما مع خطاب الرئيس ابو مازن في الامم المتحدة في الثلاثين من ايلول الماضي، بالتحذير من استمرار سياسة الاستيطان غير الشرعي في الاراضي الفلسطينية، وهدم المنازل. اسرائيل، من جهة، تعتب على بان كي مون بأن يكون موقفه على هذا النحو من الاحتلال، ولا تريد منه ان يقول الحقيقة، رغم تذكيره لاسرائيل بانه "ناقد له نوايا صادقة"، عندما ذكرها بان "الإجراءات الأمنية وحدها لن تكون كافية لوقف أعمال العنف"، في ظل إحباط الفلسطينيين تحت وطأة حوالي نصف قرن من الاحتلال، وبان تجاهل هذا الأمر لن يجعله يختفي، ومن جهة اخرى، تتهم الرئيس ابو مازن برعاية الارهاب لانه قال ان الشباب المنتفض يملك الحق بان يعبر عن غضبه، رغم وضوح موقفه من الانتفاض بان يكون شعبيا سلميا، وذلك ردا على اضمحلال الامل بزوال الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس، وعلى تنصل حكومتها من التزاماتها، بسبب غباء صور لهم ان ترك الحال دون حل سيفضي الى استقرار. ان ما ورد في مقالة بان كي مون، وخروجه عن المألوف عنه، انما يستوجب التوقف عنده، والبناء عليه، واستخدامه لمخاطبة العالم، كوثيقة تشير بوضوح الى ان حقيقة وجه اسرائيل، وقبح سياساتها، التي لم تعد قابلة للاخفاء، او مداراتها، وبان التحذيرات التي ترد على لسان كل من يشاهد ما يجري على الارض من جرائم، هي حقيقية وليست مجرد تهويل، او ترف في التحليل. ان كانت اسرائيل تدري ما هو القادم، وما هو شكله وما هي تداعياته، ولا زالت ماضية في سياساتها، فتلك مصيبة، وان كانت لا تدري، رغم كل هذا الوضوح الذي فاق وضوح الشمس، ويحضر لاجل مصالحها كبار الساسة من اقصى المعمورة لنصحها، فالمصيبة اعظم .