المعادلة الفلسطينية والظروف المعقدة - د.مازن صافي
في ظروف غاية معقدة ومتراكبة وواقع كانت الأنظمة العربية تُخضع الفلسطيني المُهَّجر من أرضه الى أحكامها وبما في ذلك رفض عمله السياسي والعسكري إلا ضمن منظومة الحكم السياسي العربي، كان لابد من كيان فلسطيني يجمع بين السياسة والعسكرية، بحيث يكون للفلسطيني المطرود والمشرد من بلاده حضوره والقدرة على ممارسة دوره في رفض الاحتلال والنضال من أجل التحرر والصمود ودعم سكان الأرض المحتلة بكل الوسائل، هناك وجدت أفكار حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" صداها لتنير الطريق إلى فلسطين وترفض الوصاية العربية على القرار الفلسطيني وكذلك تفتح المجال الواسع والمشرف للنضال ضد الاحتلال في كل حدود فلسطين، ولهذا كان الانضمام لعضوية الحركة أمر يدعو الى الفخر وكأن عريس يزف الى عروسته، وجائع يجد طعامه، وتائه يلتقي بأهله بعد سفر طويل.
تختلف الظروف اليوم، فهذه الأنظمة العربية لم تعد كما كانت واختلفت نُظم التحالفات والقوى، وأصبح للفلسطيني كيان فوق أرضه المحتلة، ونظام سياسي، وبرلمان ورئيس دولة ووزارات وسفراء وقوى أمن وشرطة، ولم تعد حدود فلسطين مكانا للدخول في منتصف الليل للنصر أو الشهادة، بل اشتعلت الأرض من فوقها لتثبت نظرية الفاتحين الأوائل " المعركة فوق الأرض المحتلة"، ويخطيء من يظن أن شعبنا لا يخوض عدة معارك في نفس الوقت، فلدينا المعركة السياسية المستمرة في المحافل الدولية وسلاحنا القانون الدولي والمنظمات ذات الصلة وحقنا المشروع في الحرية والدولة، ومعركة رفض الاحتلال ومقاومته، ولهذا يقوم الاحتلال بخطوات عسكرية في الضفة الغربية والعمل على شن الهجوم الاعلامي والسياسي ضد القيادة الفلسطينية من أجل إجهاض نتائج الحراك الدولي والانجازات المتلاحقة خلال الخمس سنوات الأخيرة، وفي قطاع غزة يشن العدوان تلو الآخر ضد شعبنا الفلسطيني.
كما ان النضال الفلسطيني ضد التمييز العنصري الاسرائيلي والاستيطان سواء في الأراضي المحتلة 1948،1967 م حيث تجري معركة حقيقية من أجل تثبيت المواطنة والمساواة في فلسطين 48،وكشف الوجه العنصري القبيح للكيان الصهيوني وهي معركة مهمة ومفصلية.
العالم يتغير بسرعة، والنظام العالمي يدخل في منعطفات إجبارية، وكثير من الدول الأوروبية تقوم بتعديل بعض قوانينها لاستيعاب التغييرات العالمية وموجات الهجرة التي لا يخلو منها الفلسطيني المشرد من اللجوء هاربا بما تبقى من أمل لحياته قبل أن تقتله رصاصات الحروب وغابة الصراعات الداخلية، وكما أن الواقع الإقليمي تبدو عليه ملامح التغيير التي ربما يحدث فيها هزات عنيفة ومتسارعة تتأثر بها الكثير من الدول في تركيبتها الداخلية أو تحالفاتها التقليدية.
والنظام السياسي الفلسطيني اليوم على مفترق طرق بسبب كثير من المتغيرات وواقع الانقسام والمؤشرات تشير إلى أن اتساع جغرافيا #غضبة_القدس الحالية وارد في أي وقت، والحرب الاسرائيلية مستمرة ضد الاستقرار والاقتصاد الفلسطيني في محاولة لتفريغ السلطة الوطنية من قوتها، وصناعة الظروف التي تحول انتفاضة القدس إلى فؤوس تهدم بنيان السلطة الفلسطينية، وبل تجعلها عبء ثقيل على الشعب الفلسطيني، لهذا فإن أهم تحدي فلسطيني هو تحقيق الوحدة والمصالحة الفلسطينية قبل فوات الأوان، والمعادلة الفلسطينية عامل النجاح فيها هو الفلسطيني نفسه.