الأمل- حافظ البرغوثي
سألني صحافي اسرائيلي قبل ايام ما هو السبيل لتهدئة الوضع في الأراضي الفلسطينية ووقف العنف على الاقل؟ فقلت الأمر بسيط وهو إزالة اسباب الغضبة الحالية ضد سياسة القبضة الحديدية القمعية في القدس وغيرها. فحتى الآن لا نلمس سوى اجراءات وتشريعات اسرائيلية من شأنها تصعيد الوضع وتعقيده وليس تنفيس الأزمة. فالاقتحامات للمسجد الاقصى مستمرة ومشاريع الاستيطان تنشر مناقصاتها تباعا والقمع يشتد يوما بعد يوم، وأظن ان استمرار الوضع على ما هو عليه بل وتصعيده هو هدف اليمين الحاكم في اسرائيل لأنه معني بالعنف والاستيطان وليس التهدئة والحوار والتفاوض. فمن بدأ باحراق الطفل محمد ابو خضير ثم عائلة دوابشة هم من اليمين المتطرف المدلل من قبل اغلب احزاب الائتلاف الحكومي الاسرائيلي، وان كان بينهم اطفال او قاصرون فاليمين هو الذي يستخدم القاصرين في عملياته الإرهابية واذا حذا بعض القاصرين منا حذوهم فهذا امر طبيعي طالما استخدم المستوطنون القاصرين.
ان أسوأ ما فعلته حكومة شارون في مطلع الانتفاضة الثانية هي انها اقحمت المدنيين من كلا الطرفين في العمل العنيف عن طريق ارتكاب مجازر صغيرة ضد ابناء شعبنا ثم انتظار الرد الحتمي ضد المدنيين الاسرائيليين لاستخدام الرد اعلاميا والافلات من الدعوات لاستئناف المفاوضات فمن يختار العنف مع سبق الاصرار انما يحاول دفن الحوار. وأسوا ما تفعله الحكومة الحالية هي الاستمرار في سياسة هدم اي جسر للتفاهم بين الطرفين او الشعبين ولهذا بات الحوار بين الشعبين صعبا بل مستحيلا لكي يسهل دفن حل الدولتين وتحلق غربان البين فرحا وتستمر في اقتحام الاقصى واقامة المستوطنات. وبينما تتم اعمال العنف لدى اليمين والحكومة الاسرائيلية بشكل مبرمج تأتي الردود من عندنا فردية دون تخطيط او دعم رسمي او فصائلي وهذا يعني ان هناك جيلا من الشبان الذي فقدوا الامل فخرجوا للعمل بأي سلاح ولعل اعتقال فتاتين توأمين بتهمة تصنيع متفجرات عبر الانترنت يعني ان هذا الجيل يطور نفسه ايضا نحو ما يراه كفيلا بالرد. ولهذا لا ارى تهدئة في الأفق طالما لا يوجد افق سياسي يزرع الأمل في الحياة وليس في الممات.