لو تريث المتحاورون أكثر- حسن سليم
فتور كبير قابل الشارع الفلسطيني الاعلان عن "التوافق على اطار عملي" بعد الساعات الخمس من اجتماع المصالحة بين فتح وحماس في الدوحة، لاسباب عديدة، اهمها عدم القناعة بامكانية تحقق المصالحة بهذه السهولة، نظرا لما تراكم من ملفات، وما نتج من كوارث سياسية.
بالطبع هذا لا يعني ابدا ان الشارع لا يتوق في كل لحظة لتحقق المصالحة، وعودة اللحمة لشطري الوطن واهله، بل لكونه دخل حالة احباط مستعصية، لكثرة الاتفاقات والتفاهمات التي تم التحلل من التزاماتها قبل ان يجف حبر توقيعها، وبسبب حالة العسر التي دخل فيها التنفيذ، بل واكثر من ذلك، بالدخول في مناكفة اكبر، دفع المواطن بسببها فاتورتها دماً وألما ومعاناة.
جديد اعلان المصالحة الجديد، هو دخول مصطلح سياسي جديد لقاموس المصالحة، وهو "التوافق على اطار عملي"، وكأن الاتفاقات السابقة كان ينقصها غموض آخر، حتى نضيف هذا الاصطلاح.
ولكل ما حمل الانقسام على مدار السنوات التسع الماضية، فان المتوقع كان من جولة الحوار التي قيل عنها إنها حاسمة، هو النبش في تفاصيل هذا الملف، بما لا يدع مجالاً للتفسير والـتأويل، وبما لا يبقى من القضايا مؤجلة الى حين، خشية العودة الى نقطة الصفر.
بالطبع لم يكن يخفى على من تحاوروا، ان اسئلة كثيرة كانت تنتظر الاجابة، وكان المطلوب ان يتضمن بيانهم توضيحا او يشبه الاجابة على الاقل، فيما يخص البرامج السياسي، وما يخص (م.ت.ف) ووحدانية تمثيلها لشعبنا، ان كان قد تم الاتفاق عليه، أم أننا سنسمع الاسبوع المقبل، من يتحدث عن عدم صلاحيتها، وان اصلاحها غير ممكن، وان المطلوب هو البحث عن اطار جديد بمقاسات جديدة.
وهل اتفق المتحاورون او المتصالحون على ملف السلاح، وقرار المقاومة، والتفاوض، سيكون بيد من، ام اننا سنشهد لبننة جديدة لحالتنا؟
وبخصوص الحكومة المنتظرة، كما يسمونها حكومة وحدة وطينة، ما هو برنامجها، وهل هي فصائلية، ام برعاية ودعم الفصائل، ومن سيرأسها، وهل ستفتح الابواب لها للعمل في غزة، ام ستنتظر في كل مرة اذن العبور، بعد دفع "الاتاوة".
وماذا بخصوص الانتخابات، هل تم الاتفاق عليها، والانتظار هو فقط لاصدار المرسوم بموعدها، أم ستأتينا الشروط تباعا، كضرورة انعقاد المجلس التشريعي اولا، وانتخاب هيئة جديدة، وبالطبع سيكون مكتبه ورئاسته من كتلة حماس، كونها الاغلبية، ولا اعتقد ان المتحاورين يغفلون عن القيمة القانونية لهذا الترتيب.
الاسئلة التي تدور في الذهن كثيرة، وقد لا تنتهي، وهي مشروعة، وجُلها من التفاصيل التي تركت في اتفاقات سابقة، وتم ترحيلها الى حين ميسرة، فكانت قنابل موقوتة، وهذا ما قد يفسر ان الشارع الذي طالت مطالبته بالمصالحة، وطي هذه الصفحة السوداء، لم يكن مستعجلا، الى هذا الحد، ولدرجة ان يتم الاعلان عنها بعد خمس ساعات، وهو يعلم ان الامر يحتاج اكثر، بل كان مستعدًّا ان ينتظر اياما اخرى اكثر، شريطة أن يرى المصالحة حقيقة على الارض، بالممارسة والسلوك، بعد ان يخبرنا المتصالحون كيف، ولهذا قال: لو تريث المتحاورون اكثر.
hasan.media@yahoo.com