مصر، بين المخاوف والآمال ! - د. عادل محمد عايش الأسطل
بعد تسعة أشهر منذ بداية ثورة 25 يناير، التي أدت إلى سقوط نظام مبارك، ها هي أرض النيل تتماوج من جديد، وتثور من جديد، مئات الآلاف من المصريين، ومن كافة أطياف القوى والأحزاب المصرية، ومعظمهم من أعضاء الإخوان المسلمين، امتلأت بهم ساحات ميدان التحرير في القاهرة الكبرى، وغمرت جحافلهم الشوارع المحيطة والفرعية به، لتمتد بعد ذلك إلى محافظات ومدن مدن أخرى، للمطالبة بوضع حدٍ لمتطلبات الثورة، والاحتجاج على سياسات النظام العسكري القائم في البلاد، ذلك النظام الذي أخذ على عاتقه النهوض بالثورة المصرية، إلى بر الأمان وفي أسرع وقت ممكن، خاصة، بعد تطمينات متكررة بالانتقال السلمي، إلى الدولة المدنية "الديمقراطية"، لا سيما وأنه الحامي للدولة والشعب والمنجزات.
لقد استطاعت التيارات الدينية من خلال الكم الهائل، التي مارست العملية الاحتجاجية، أن ترسل رسالة قوية توحي بأن التيارات الإسلامية، قادرة على الحشد والتنظيم بقدرة فائقة، ليس فى القاهرة وحدها، وإنما فى مدن كثيرة أخرى.
وأن الرسالة كانت موجهة إلى جهات عديدة، في مؤسسات الدولة الرسمية، سواءً المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو مجلس الوزراء. وبالذات نائبه الدكتور "على السلمى" الذى تنسب إليه الوثيقة الدستورية التي كانت مثاراً للجدل، وبالتالي كانت سبباً في النزول إلى الميدان.
من المفروض بعد عدة أيام قلائل، أن تدخل مصر مرحلة جديدة من تاريخها الجديد، بإجراء أول انتخابات برلمانية، عقب الثورة الشعبية، والتي وصفت حينها بالثورة العظيمة والنظيفة، فى التاريخ المصري، حيث انتظر المصريون وبعد طول هذه المدة، أن تسفر هذه الانتخابات عن قوى جديدة وحقيقية، تمثلهم وتعبر عن طموحاتهم وأحلامهم، التي طالما كان السواد الأعظم في مصر يتوقون إليها أسوةً بشعوب العالم، كانوا قد حرموا منها طوال عقودٍ خلت.
الغالبية العظمى من المحتجين، من القوى السياسية والأحزاب الإسلامية الأخرى، وخاصةً جماعة الإخوان المسلمين، كانت تطالب بإنهاء حكم النظام العسكري في البلاد، خاصةً في ظل الحالة الثورية، التي استمرت من البداية وحتى الآن، كثورة لها جسد لكن بلا روح. بالإضافة إلى ذلك، أن هذه القوى مجتمعةً، تعارض بشدة وثيقة المبادئ الدستورية "وثيقة السلمي" والتي من شأنها - كما يقولون- أن من شأنها أن توفر صلاحيات للمجلس العسكري، بما تفوق على صلاحيات الحكومة المستقبلية، التي تحمى الجيش من الرقابة البرلمانية وضمان درجة من السيطرة على معظم الأمور السياسية له فى المستقبل، إضافة، إلى أنها تحمل في مضمونها مصطلح "الدولة المدنية" التي يخشون أن يغلب عليها الطابع العلماني، وهو ما ترفضه أطيافاً عديدة من الحركات والأحزاب المصرية وخاصة القوى والأحزاب الدينية وخاصة الإخوان المسلمين والقوى السلفية الأخرى. لأن هذه الحركات تسعى لاستعادة الدستور الذي يغلب عليه الطابع الإسلامي في تسيير جملة الحياة السياسية والاجتماعية وغيرها، وإدارتها التي يجب إخضاعها لمرجعيات وشرائع الديانة الإسلامية.
كذلك فإن جهات كثيرة ومنها الإسلاميين، كانوا تشككوا في أن تتم عملية الانتخابات التشريعية في موعدها، لا سيما وأنه قد كانت تدخلت عناصر أخرى لتدفع بهذا الاتجاه، بالرغم من تأكيدات المجلس العسكري الأعلى، والحكومة المصرية، بالالتزام بموعد الانتخابات كما هو مقرر لها، ولن يكون هناك أية تأجيلات من شأنها، زيادة الاحتقان لدى الشارع المصري، ومن ثم زعزعة استقرار البلاد بشدة، ومن جهة أخرى كانت هذه الجهات" الإسلامية" تتخوف من أن يكون تشكيل البرلمان المقبل، غير معبر بشكل حقيقى عن رغبات الشعب، ويخشي بعضها من سيطرة بعض التيارات على المجلس بما تحمله من أفكار، لا تلاءم طبيعة الشخصية المصرية البسيطة والمعتدلة، وهو الأمر الذي تقلل من قيمته الإجراءات الجديدة التي ستتبع في العملية الانتخابية الحالية، فكل ما كان قد اتُبع من إجراءات سابقة وكل المعادلات الانتخابية، التي كان يتم الحكم بها على نتائج الانتخابات المتوقعة، قد تغيرت تماماً، مما يكفل إلى حدٍ كبير نزاهة العملية الانتخابية، والتي كانت هناك علامات إيجابية سابقة، حين تمت عمليه الاستفتاء على الإصلاحات الدستورية في منتصف مارس/آذار من العام الجاري، حيث بدت العملية وانتهت على أحسن ما يرام.
لقد بدا المجلس العسكري على مواقفه السابقة، والداعمة للديمقراطية والانتقال إلى الحكم المدني، وما يؤل إليه من إنهاء حكم الطوارئ وإطلاق الحريات والعمل على احترام حقوق الإنسان، وغير ذلك وكذلك الحكومة برئاسة الدكتور"عصام شرف" الذي أخذ قوته من ميدان التحرير، والتي تعهدت حكومته، بالعمل على إنهاء حالة الفوضى، وإعادة الحياة إلى مسارها الطبيعي من أجل الوطن والمواطن، وأيضاً كافة القوى والحركات والأحزاب الشعبية والوطنية، كانت هي الأخرى أخذت على نفسها عهد ووعد، بأن تقوم على الصلح والإصلاح، ودرء الفتنة والفساد، ومادام الأمر كذلك، فأين المشكلة؟ ولماذا الأمور اتجهت إلى اتجاه الفوضى والدم من جديد؟
إن الأحداث المؤسفة، التي وقعت فى ميدان التحرير، أعادت إلى الأذهان، نفس المشاهد التي شاهدها العالم أجمع خلال ثورة ٢٥ يناير"النظيفة"، وجعلت ورغماً عن الكثير من المصريين أن تسللت إلى نفوسهم، وخاصة لدى من تعهدوا بالنزول إلى الميدان الشكوك، على إجراء الانتخابات البرلمانية فى موعدها، ولكن – برغم تسرعهم- بدت ردة الفعل للشرطة المصرية
على غير المتوقع من الشدة والمبالغة، حتى طغى على وصفها بالسلوك "القمعى" الذي كان سائداً في الفترة ما قبل 25 يناير، من حيث أن الشرطة وأجهزة الأمن المصرية، مازالت على نزعتها وطبائعها، من حيث لا تحتمل رؤية أي نوع من الاحتجاجات، وإن كانت ارتدت الثوب السلمي، حتى تقابلها بكثير من الغلظة، وعدم الرحمة.
إن الاشتباكات الدامية وما نتج عنها، التي وقعت فى ربوع مصر، وخاصةً في الميدان، تعتبر إلى حدٍ ما، دليل – مكروه - على أن الفوضى والاضطراب، وخاصة في فترة حرجة وأكثر حساسية، وأصبحت هي المسيطرة على مصر الجديدة، وأن البلاد تسير فى طريق المجهول، ولعل ما حدث أيضاً، أن يلقى بظلال الشك على قدرة أجهزة الأمن المصرية على تأمين الانتخابات، التي لا تفصلها عن الأحداث الجارية غير أيامٍ قليلة، لذلك فإن أعمال العنف هذه من شأنها زيادة المخاوف، من وقوع البلاد فى دوامة مستمرة من الاحتجاجات، حتى في حال إجراء الانتخابات البرلمانية. وهذا الشيء الذي لا نريده أن يحصل بأي حال.
كنا ولا زلنا نتوقع، أن تنتهي مصر من أزمتها، وتقوم من كبوتها، وعلى أفضل ما يكون لنفض غبار الماضي ومخلفاته، وأيضاً على أملٍ من أولئك، الذين يتنافسون لقيادة مصر، أن يمضوا في الطريق الصحيح والدرب الصواب، وأن يعملوا أولاً، على أن درء المفاسد، مقدمٌ على جلب المنافع، وذلك لنهضة مصر وشعب مصر.
لقد استطاعت التيارات الدينية من خلال الكم الهائل، التي مارست العملية الاحتجاجية، أن ترسل رسالة قوية توحي بأن التيارات الإسلامية، قادرة على الحشد والتنظيم بقدرة فائقة، ليس فى القاهرة وحدها، وإنما فى مدن كثيرة أخرى.
وأن الرسالة كانت موجهة إلى جهات عديدة، في مؤسسات الدولة الرسمية، سواءً المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو مجلس الوزراء. وبالذات نائبه الدكتور "على السلمى" الذى تنسب إليه الوثيقة الدستورية التي كانت مثاراً للجدل، وبالتالي كانت سبباً في النزول إلى الميدان.
من المفروض بعد عدة أيام قلائل، أن تدخل مصر مرحلة جديدة من تاريخها الجديد، بإجراء أول انتخابات برلمانية، عقب الثورة الشعبية، والتي وصفت حينها بالثورة العظيمة والنظيفة، فى التاريخ المصري، حيث انتظر المصريون وبعد طول هذه المدة، أن تسفر هذه الانتخابات عن قوى جديدة وحقيقية، تمثلهم وتعبر عن طموحاتهم وأحلامهم، التي طالما كان السواد الأعظم في مصر يتوقون إليها أسوةً بشعوب العالم، كانوا قد حرموا منها طوال عقودٍ خلت.
الغالبية العظمى من المحتجين، من القوى السياسية والأحزاب الإسلامية الأخرى، وخاصةً جماعة الإخوان المسلمين، كانت تطالب بإنهاء حكم النظام العسكري في البلاد، خاصةً في ظل الحالة الثورية، التي استمرت من البداية وحتى الآن، كثورة لها جسد لكن بلا روح. بالإضافة إلى ذلك، أن هذه القوى مجتمعةً، تعارض بشدة وثيقة المبادئ الدستورية "وثيقة السلمي" والتي من شأنها - كما يقولون- أن من شأنها أن توفر صلاحيات للمجلس العسكري، بما تفوق على صلاحيات الحكومة المستقبلية، التي تحمى الجيش من الرقابة البرلمانية وضمان درجة من السيطرة على معظم الأمور السياسية له فى المستقبل، إضافة، إلى أنها تحمل في مضمونها مصطلح "الدولة المدنية" التي يخشون أن يغلب عليها الطابع العلماني، وهو ما ترفضه أطيافاً عديدة من الحركات والأحزاب المصرية وخاصة القوى والأحزاب الدينية وخاصة الإخوان المسلمين والقوى السلفية الأخرى. لأن هذه الحركات تسعى لاستعادة الدستور الذي يغلب عليه الطابع الإسلامي في تسيير جملة الحياة السياسية والاجتماعية وغيرها، وإدارتها التي يجب إخضاعها لمرجعيات وشرائع الديانة الإسلامية.
كذلك فإن جهات كثيرة ومنها الإسلاميين، كانوا تشككوا في أن تتم عملية الانتخابات التشريعية في موعدها، لا سيما وأنه قد كانت تدخلت عناصر أخرى لتدفع بهذا الاتجاه، بالرغم من تأكيدات المجلس العسكري الأعلى، والحكومة المصرية، بالالتزام بموعد الانتخابات كما هو مقرر لها، ولن يكون هناك أية تأجيلات من شأنها، زيادة الاحتقان لدى الشارع المصري، ومن ثم زعزعة استقرار البلاد بشدة، ومن جهة أخرى كانت هذه الجهات" الإسلامية" تتخوف من أن يكون تشكيل البرلمان المقبل، غير معبر بشكل حقيقى عن رغبات الشعب، ويخشي بعضها من سيطرة بعض التيارات على المجلس بما تحمله من أفكار، لا تلاءم طبيعة الشخصية المصرية البسيطة والمعتدلة، وهو الأمر الذي تقلل من قيمته الإجراءات الجديدة التي ستتبع في العملية الانتخابية الحالية، فكل ما كان قد اتُبع من إجراءات سابقة وكل المعادلات الانتخابية، التي كان يتم الحكم بها على نتائج الانتخابات المتوقعة، قد تغيرت تماماً، مما يكفل إلى حدٍ كبير نزاهة العملية الانتخابية، والتي كانت هناك علامات إيجابية سابقة، حين تمت عمليه الاستفتاء على الإصلاحات الدستورية في منتصف مارس/آذار من العام الجاري، حيث بدت العملية وانتهت على أحسن ما يرام.
لقد بدا المجلس العسكري على مواقفه السابقة، والداعمة للديمقراطية والانتقال إلى الحكم المدني، وما يؤل إليه من إنهاء حكم الطوارئ وإطلاق الحريات والعمل على احترام حقوق الإنسان، وغير ذلك وكذلك الحكومة برئاسة الدكتور"عصام شرف" الذي أخذ قوته من ميدان التحرير، والتي تعهدت حكومته، بالعمل على إنهاء حالة الفوضى، وإعادة الحياة إلى مسارها الطبيعي من أجل الوطن والمواطن، وأيضاً كافة القوى والحركات والأحزاب الشعبية والوطنية، كانت هي الأخرى أخذت على نفسها عهد ووعد، بأن تقوم على الصلح والإصلاح، ودرء الفتنة والفساد، ومادام الأمر كذلك، فأين المشكلة؟ ولماذا الأمور اتجهت إلى اتجاه الفوضى والدم من جديد؟
إن الأحداث المؤسفة، التي وقعت فى ميدان التحرير، أعادت إلى الأذهان، نفس المشاهد التي شاهدها العالم أجمع خلال ثورة ٢٥ يناير"النظيفة"، وجعلت ورغماً عن الكثير من المصريين أن تسللت إلى نفوسهم، وخاصة لدى من تعهدوا بالنزول إلى الميدان الشكوك، على إجراء الانتخابات البرلمانية فى موعدها، ولكن – برغم تسرعهم- بدت ردة الفعل للشرطة المصرية
على غير المتوقع من الشدة والمبالغة، حتى طغى على وصفها بالسلوك "القمعى" الذي كان سائداً في الفترة ما قبل 25 يناير، من حيث أن الشرطة وأجهزة الأمن المصرية، مازالت على نزعتها وطبائعها، من حيث لا تحتمل رؤية أي نوع من الاحتجاجات، وإن كانت ارتدت الثوب السلمي، حتى تقابلها بكثير من الغلظة، وعدم الرحمة.
إن الاشتباكات الدامية وما نتج عنها، التي وقعت فى ربوع مصر، وخاصةً في الميدان، تعتبر إلى حدٍ ما، دليل – مكروه - على أن الفوضى والاضطراب، وخاصة في فترة حرجة وأكثر حساسية، وأصبحت هي المسيطرة على مصر الجديدة، وأن البلاد تسير فى طريق المجهول، ولعل ما حدث أيضاً، أن يلقى بظلال الشك على قدرة أجهزة الأمن المصرية على تأمين الانتخابات، التي لا تفصلها عن الأحداث الجارية غير أيامٍ قليلة، لذلك فإن أعمال العنف هذه من شأنها زيادة المخاوف، من وقوع البلاد فى دوامة مستمرة من الاحتجاجات، حتى في حال إجراء الانتخابات البرلمانية. وهذا الشيء الذي لا نريده أن يحصل بأي حال.
كنا ولا زلنا نتوقع، أن تنتهي مصر من أزمتها، وتقوم من كبوتها، وعلى أفضل ما يكون لنفض غبار الماضي ومخلفاته، وأيضاً على أملٍ من أولئك، الذين يتنافسون لقيادة مصر، أن يمضوا في الطريق الصحيح والدرب الصواب، وأن يعملوا أولاً، على أن درء المفاسد، مقدمٌ على جلب المنافع، وذلك لنهضة مصر وشعب مصر.