سلمان الناطور - محمود ابو الهيجاء
لا ليست ازمة قلبية، هي هذه التي أودت بحياة حارس الذاكرة الفلسطينية، سلمان ناطور، هذا تفسير طبي باهت، وتذرع لا يعرف الكناية ولا المجاز، فلا يدرك ما تريد الطبيعة ان تقول، إن قلوبها الطيبة لم تعد تحتمل سطوة الرداءة، وفنون التسطيح التي باتت تملأ هذا الزمن، فتصمت كما يصمت حكيم، وتنطفئ كما تنطفئ شمعة. لا ليست ازمة قلبية، وانما هو عتب القلب لا على صاحبه، وانما على هذا الواقع الذي بات يحتشد بالظلم والعنف والارهاب، ولعله بل وكأني على يقين، بأن هذا القلب الطيب لسلمان ناطور، شاء الصمت الابدي، لا عن عتب فحسب، وانما ليريح صاحبه من مشقة طالت واستطالت ..!! ومرة اخرى، سنة اخرى لا تكتمل دونما فاجعة وحادثة تراب موجعة، على حين غرة، جاءنا نبأ رحيله المر ظهيرة الاثنين الماضي، فرحنا نتفلت ونصارع الوقت، كي نصل دالية الكرمل، ساعة ابكر لعلنا نلقي نظرة الوداع الاخيرة على جثمان الراحل الكبير، الكاتب والروائي والمسرحي والوطني الانسان، سلمان الناطور، ومن طوكيو حيث الرئيس ابو مازن هناك في زيارة رسمية، ابرق الرئيس لرام الله بضرورة تشكيل وفد رفيع المستوى لحضور مراسم تشييع الفقيد العزيز، ولنقل تعازيه الحارة لذوي الفقيد ولعموم ابناء دالية الكرمل الكرام. وكالعادة ليست الرحلة من رام الله الى داخل الداخل الفلسطيني، رحلة ميسرة كالتي تجري بين مدينة واخرى في هذا العالم، وانما هي رحلة قلق ومعاناة، تكثفها حواجز الاحتلال، التي لا تعريف لها في قواميس اللغة الانسانية ...!! لا بد ان تمر من حواجز الحديد الدوارة، ولا بد من فحص يقولون انه امني، ولا ضمانة ان تواصل المسيرة التي قد يعطلها مزاج جندي المراقبة ..!! لكنه الاصرار ان نمضي والتحدي ألا تطال روحنا هذه الاجراءات التعسفية ولأن الفقيد عزيز على قلوبنا قلنا سنصل مهما كان الثمن، وقد وصلنا ورأينا الدالية كلها في "بيت الشعب" تلقي نظرة الوداع الاخيرة على فقيدها الغالي، وادمع قلوبنا قبل اعيننا، استقبالهم الحميم لنا، فقلنا نحن اصحاب العزاء ونحن المعزون، فتقبلنا من بعض البعض هذا العزاء لصبر جميل وبالله المستعان .. وداعا سلمان ناطور، القصيدة تتلوى في القلب والجرح بانتظار بلسم اللغة.