نصف اليهود مع طرد فلسطينيي 48.. كيف لو كان العكس؟- عزت دراغمة
سوسة التطرف تنخر المجتمع الإسرائيلي، تظهر نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه مركز "بيو" والذي يختص في الجوانب الاجتماعية والدينية في إسرائيل أن تأييد نحو نصف اليهود في إسرائيل طرد الفلسطينيين من منازلهم وأرضهم داخل الخط الأخضر، مدى التطرف وتفشي الفكر اليميني العنصري داخل المجتمع الإسرائيلي الذي يرفض قبول الآخر أو الاعتراف بحقوقه ومواطنته على تراب وطنه، وما تأييد 42% من اليهود للتوسع الاستيطاني في الضفة بما فيها مدينة القدس، سوى مؤشر آخر على تفشي هذا الفكر الذي يستمد قوته واتساع نطاقه من مواقف الأحزاب والحكومة الإسرائيلية التي تثبت كل ممارساتها وسياساتها تنفيذ عمليات الإبعاد والطرد القسري "الترانسفير"، ما يعني أن الحكومة والاحزاب الاسرائيلية معا في سباق للاستحواذ على أصوات المؤيدين من خلال معادلة التطرف التي تتنكر لأصحاب الأرض الأصليين وتنكر عليهم حقوقهم، وبمعنى آخر أن كلا الطرفين حكومة وأحزاب وطبقات اجتماعية بات لديهم توافق معلن وغير معلن في نهج التطرف والعنصرية وان كل طرف يغذي الطرف الآخر ويدعمه بشكل أو بآخر بما يعزز لديه كراهية الآخر وعدم القبول به.
نتائج هذا الاستطلاع الذي تعكسه الممارسات الإسرائيلية على ارض الواقع، سواء من قبل عناصر جيش وشرطة الاحتلال أو مستوطنيه ومتطرفيه، تشي بملاحظات ومؤشرات كثيرة وفي كل الأحوال تدلل على أن الشارع أو المجتمع الإسرائيلي بات يشكل خطرا على نفسه وليس على الفلسطينيين فحسب، ما يعني أن عنصر التطرف والمغالاة في العنصرية تماما كما هو السحر في غالب الأحيان ينقلب على الساحر نفسه، وهو ما تبرزه الظواهر والجرائم اللاإنسانية واللاأخلاقية والجنائية التي تنخر بالمجتمع الإسرائيلي، وهذا قد يكون بسبب عدم التجانس في العادات والتقاليد والنظرة الدونية لمهاجرين قدموا من بلدان فقيرة أو شرقية ولهذا وجدت مفردات عنصرية حتى بين اليهود أنفسهم جعلت ممن يطلقون على أنفسهم "سفارديم" ينظرون لمن يسمون " الاشكناز" نظرة التعالي، ومن هنا قد لا نستغرب نحن الفلسطينيون نتائج مثل هكذا استطلاع تؤكد مدى استفحال كراهية اليهود للوجود الفلسطيني على الأرض الفلسطينية ؟!
والسؤال المشروع في هذا المقام: كيف لو أعلن نصف الفلسطينيين أنهم يؤيدون طرد اليهود؟ ماذا سيصفون الفلسطينيين وكيف ستكون تداعيات مثل هكذا استطلاع؟ وهل سيتم اتهام الفلسطينيين بالارهاب أم باللاسامية؟ وبالتأكيد سيحملون السلطة والقيادة الفلسطينية المسؤولية عن هكذا موقف، وعندها قد تمارس حكومة الاحتلال ومتطرفوها عقابات جماعية إضافية، وفي الحالة الإسرائيلية التي ترتكب بها حكومة الاحتلال كافة أنواع وأشكال الممارسات العدوانية التي تنتهك حقوق الإنسان ومبادئ القانون الدولي، أليست حكومة نتنياهو وما توفره من دعم مالي ولوجستي وعسكري للأحزاب والجماعات اليهودية المتطرفة هي المسؤولة عن تنامي وتفشي التطرف والعنصرية داخل المجتمع الإسرائيلي؟ لكن وما دامت مثل هذه الحكومة غارقة في هوس الإرهاب وراعية له وفي ظل ما نشره هذا الاستطلاع من نتائج، فان خطورة ما في ذلك لن تمس بالفلسطينيين وحدهم بل ستبدأ أولا بنخر المجتمع الإسرائيلي لأن التسوس يبدأ بنخر عوده عندها سيعي الإسرائيليون مدى حجم الدمار الذي حققه لهم قادتهم.