كيري والملفات الخمسة - عمر حلمي الغول
في خطوة مفاجئة وغير متوقعة، اجرى وزير الخارجية الاميركي جون كيري، زيارة للمملكة العربية السعودية في الحادي عشر من الشهر الجاري، التقى فيها صناع القرار، ناقلا لهم رسائل حول الملفات الخمسة ذات الصلة بالدور السعودي في الساحات العربية والاقليمية. واستنادا لمصادر مطلعة، فإن ما حمله رئيس الدبلوماسية الاميركية، كان ما بين تقديم النصيحة والتحذير ولفت النظر والتقرير. لا سيما وان المصالح الاميركية في حال بقي الحال على ما هو عليه، فإنها تتعرض للخطر، وتضرب مصداقية الادارة. الملفات الخمسة هي الآتية: اليمني، السوري، اللبناني، البحريني والايراني. وعلى الصعيد اليمني طلب كيري من القيادة السعودية الكف عن الغرق في المستنقع اليمني، والعمل فورا ودون تردد على دفع خيار الحل السياسي للامام، وقطع الصلة مع القوى التكفيرية في الساحة اليمنية، لانها ستنقل خطرها للاراضي السعودية ودول الخليج العربي كلها. ولان بقاء الوضع في الساحة اليمنية على ما هو عليه، لا يخدم من قريب او بعيد العربية السعودية. وبالشأن السوري، كانت الرسالة الاميركية، مطلوب من القيادة السعودية دفع قوى المعارضة التابعة لها بالمشاركة في مؤتمر جنيف، وعدم اتخاذ مواقف متطرفة، تحول دون مشاركتها ووجودها في العملية السياسية. واكد كيري لمضيفيه، ان الولايات المتحدة مع الخيار السياسي، وهي متفقة مع الاتحاد الروسي. وترفض التورط في اية عملية عسكرية في الاراضي السورية. وسجل وزير الخارجية عتبا ورفضا للقرار السعودي بشأن تحويل المساعدة العسكرية السعودية للجيش اللبناني ومقدارها ثلاثة مليارات دولار اميركي للجيش السعودي. لان هذا القرار يفتح الباب واسعا امام جمهورية الملالي الايرانية للتمدد في الساحة اللبنانية، وتعزيز دور حزب الله. واكد رأس الدبلوماسية الاميركية، ان المساعدات العسكرية الاميركية تصل إلى مكانها الصحيح في الجيش اللبناني، وبالتالي المحاذير السعودية من ذهاب المساعدات لحزب الله فيها مبالغة وتطير. ونصح بابقاء المساعدات السعودية على حالها للجيش اللبناني، وعدم الخروج من الساحة اللبنانية. وفي الملف البحريني اكد الموفد الاميركي، ان الحل السياسي والحوار بين النظام والمعارضة افضل سبيل للخروج من نفق الازمة القائمة هناك. وطلب من القيادة السعودية الضغط على قيادة مملكة البحرين بالالتزام بالحل السياسي وعدم فتح جبهة جديدة. لا سيما وان تشتيت القوى في جبهات عدة وفي آن واحد لا يخدم بحال من الاحوال المملكة، وسيكون له انعكاسات سلبية على دورها وحضورها في العالم العربي والاقليم على حد سواء. وعلى الصعيد الايراني، كان الموقف الاميركي واضحا وجليا إسوة بالملفات السابقة، حيث طلب من خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز واركان قيادته، طي صفحة التنافر والتناقض مع الجمهورية الايرانية. وايجاد قواسم مشتركة وجسور لطي صفحة الصراع، لأن ذلك لا يخدم ايضا المملكة. واذا شاءت السعودية تدخل الولايات المتحدة كوسيط مع ايران، فهي جاهزة. رغم ادراك الادارة الاميركية، بأن إيران تسعى لفرض سيطرتها على دول الاقليم. ولكن عبر الحل السياسي يمكن إبعاد شبح إيران عن الدول العربية، والمحافظة في ذات الوقت على الدور السعودي في الاوساط العربية والاقليمية. وايضا يحمي دول الخليج من التمدد الايراني. الرسائل الاميركية للقيادة السعودية، لم تأت نتيجة خشية اميركا على العربية السعودية ودول الخليج، وانما انطلاقا من المصالح الاميركية، وحرصها الدائم على توجيه عمل حلفائها وفق مصالحها، ولابعاد وتقييد دور القوى والدول المناهضة لها في الاقليم. ومع ذلك، واي كانت خلفيات الموقف الاميركي، فإن المرء، لا يملك سوى ان يدعو القيادة السعودية لتغليب الحل السياسي في الدول العربية، والتخلي عن القوى المتطرفة والتكفيرية، التي كانت منذ لحظة ولادتها ونشوئها نقمة ولعنة على الامة العربية وشعوبها.