سامي ميخائيل الذي سار ماشيا لبغداد - حسن سليم
الكاتب الاسرائيلي ابن العقد التاسع، سامي ميخائيل، واحد من الذين يعيشون حالة اغتراب في دولة الاحتلال الاسرائيلي، وتناقض مع مواقف حكوماتها المتعاقبة، التي ما زالت تصر على التنكر للحقوق الفلسطينية المشروعة، وترفض تطبيق الشق الثاني من قرار تأسيسها، بقيام دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل. وقد عرف ميخائيل مبكرا ما معنى ان يتشرد الانسان عن وطنه، او يغترب فيه، فهو الذي قال انه من فرط شوقه للعراق كان يسير ماشياً باتجاه بغداد، ووجهه مبلل بالدموع حتى هده التعب واضطر للعودة إلى طهران، حين كان مطارداً من قبل الحكم الملكي في العراق، فاضطر للهرب إلى إيران عام1946، على خلفية نشاطه السياسي في تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي. موقف الكاتب سامي ميخائيل، العراقي المولد، الاسرائيلي الجنسية، المؤمن والفاعل لصالح نصرة حقوق الفلسطينيين، لم يتغير حتى قبل قيام دولة اسرائيل، من ثقافة الاحتلال، وبقي رافضا لثقافة الاستقواء والاغتصاب لحقوق البشر، وسبق ان صدر عنه موقف جريئ ابان الاحتلال الاميركي للعراق، برفضه لاحتلال بلده الام العراق، ودفع ثمنا كبيرا نتاج التحريض ضده من قبل الصحافة الاسرائيلية. اليوم وبعد ان بلغ سامي ميخائيل، التسعين من عمره، وهو الاكبر من عمر دولة الاحتلال سنا، يواصل استمرار طرقه بالكلمة والقلم على رأس حكومته، لعلها تصحو- وقد سبق لايهود باراك رئيس وزراء سابق لدولة الاحتلال، ان طالبه باستمرار الضرب بالحذاء على رؤوس السياسيين الاسرائيليين- وما زال ميخائيل يؤمن ان استقلال اسرائيل لا يمكن ان يكون مستقرا دون دولة فلسطينية للفلسطينيين مستقلة الى جانبها، وانه لا خيار سوى استمرار الهجوم السياسي ضد حكومات الاحتلال من خلال جبهة عريضة حتى تتغير، او تغير موقفها من احتلالها للفلسطينيين، وسرقة ارضهم، من قبل المستوطنين باستيطانهم، الذين يمثلون العدو الاكبر لبقاء اسرائيل واستقرارها، ومسمارا في نعشها، ولهذا يعتبر المستوطنون كل ديمقراطي في اسرائيل عدوا لهم، ذلك لانهما نقيضان. ورغم اليأس والاحباط في نفوس من هم بعمر سامي ميخائيل، من ضياع فرصة تحقق السلام، في عهد المؤمنين به، الا ان ميخائيل ما زال يؤمن بالصحوة لتحقيقه، وان السلام والخلاص للفلسطينيين لن يتحقق بالاعتماد على من رفع شعارات تخليصهم من الاحتلال، حيث انهم في الحقيقة يكذبون، بل وغبي من يصدق ذلك الشعار، ولكن الممكن فقط ان تتحرر فلسطين من الاحتلال من خلال كفاح ابنائها، "وان كفاح الفلسطيني لا يمكن ان يكون ارهابا، او تخريبا، ولو كنت مكانه لفعلت ذات الفعل، لان العيش تحت الاحتلال، امر غير ممكن ولا مستوعب"، يقول سامي ميخائيل. ومن خلال ما يقوله الكاتب والروائي الشيوعي سامي ميخائيل، وفيه درس من المهم قراءته، عندما يتساءل: ما جدوى الكتابة بالعربية، اذا كان العرب لا يقرأون، ولا اليهود يقرأون بهذه اللغة؟ ما يستوجب تغيير لغة الخطاب، ورسائله، حتى لا تكون النصوص مجرد حروف متلاصقة، اشبه بالطلاسم، وحتى لا يكون مصيرنا، كمصير الراحل سمير نقاش الذي لم يقرأه العرب ولا اليهود فرحل بائساً محبطا.