يوم الأرض عمر - حلمي الغول
تحل اليوم الذكرى الاربعون ليوم الارض. الثلاثون من آذار من كل عام، بات يوما مجيدا في حياة الشعب الفلسطيني من اقصاه إلى اقصاه. لان الارض (الوطن) عميقة الصلة بهوية وشخصية كل فرد والشعب بشكل جمعي. ولا يمكن فصل الانسان عن وطنه إلا عبر عملية الطرد الفردي او الجماعي كما حصل في نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948 وفي نكسة العرب في حزيران 1967، وكما يحصل هذه الايام في بلاد العرب، التي تعيش حالة من التشظي والتمزق، حيث تدفع القوى المتطرفة والارهابية وذات الخلفيات الدينية والطائفية والمذهبية والعرقية مئات الآلاف وملايين المواطنين العرب للهجرة هربا من الواقع الدموي إلى اوروبا وغيرها من الملاذات الآمنة. وإذا تركز الحديث عن يوم الارض ومعركة الشعب الفلسطيني ضد هجمة دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية وقطعان المستعمرين الصهاينة، فإن هذا اليوم تزداد اهميته وضرورة الاحتفاء به، وإحيائه كل يوم وليس فقط في الثلاثين من آذار من كل عام، لان الهجمة الاستعمارية الاسرائيلية تزداد سعارا ووحشية في التهام ما تبقى من ارض فلسطين العربية، وتنفيذ مخطط "الترانسفير" لاكبر عدد ممكن من ابناء الشعب، وتفريغ الارض لافساح المجال لقطعان المستعمرين في البناء عليها، حيث باتوا الآن يشكلون دولة داخل دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية. مع ان الحكومة الاسرائيلية، هي حكومة تأبيد الاستيطان الاستعماري. ولعل اللافت في إحياء الذكرى الاربعين ليوم الارض، انه يأتي في لحظة غاية في التعقيد والخطورة، حيث يعيش المشروع الوطني كابوسا مرعبا، لا سيما ان حكومة نتنياهو، لم تعد معنية من قريب او بعيد بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، ولا حتى خيار الدولة الواحدة، وتقضم الارض والحقوق الفلسطينية خطوة خطوة وعلى مرأى ومسمع من العالم اجمع، مستفيدة من حالة التآكل والتشرذم في العالم العربي، والصمت الدولي المريب، لا بل والتواطؤ الاميركي واضرابها مع إسرائيل. وتحضر الساحة والشعب الفلسطيني لمرحلة اشبه بمرحلة النكبة الاولى، من خلال طرد اكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، وفرض خيار يجمع بين روابط القرى القديم والكانتونات المنفصلة والمستقلة عن بعضها البعض، ما يستدعي من صانع القرار الفلسطيني البحث عن مخارج واقعية للمأزق الوطني. لان المراوحة في ذات المكان، ومواصلة العمل بالاليات المتبعة على اهميتها، لا تكفي، وتكون نتائجها سلبية، ما يفرض البحث عن مشاريع عمل وطنية، اولا العمل على استنهاض حركة فتح بعقد مؤتمرها السابع؛ ثانيا عقد الدورة العادية للمجلس الوطني واشتقاق برنامج وطني جديد يتوافق مع طبيعة المرحلة الراهنة والمستقبلية؛ ثالثا الاعداد الجدي لاجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني؛ رابعا وسابق على ما تقدم إعادة محافظات الجنوب إلى حاضنة الشرعية الوطنية ودفع المصالحة الوطنية بقوة للامام. تعزيز عناصر القوة في الداخل الفلسطيني، يساهم بقوة في كبح التراجع في مكانة القضية الفلسطينية، ويعطي مصداقية اكبر لدور القيادة الشرعية في الاوساط المختلفة، ويصبح الصوت الفلسطيني مسموعا ومقبولا. كما ان النهوض بمنظمة التحرير سيرغم القوى المتربصة بالتمثيل الفلسطيني على التراجع او على اقل تقدير التريث والانتظار حتى تحين فرصة اخرى او يسقط التوجه برمته ومن جذوره، وهذا مرهون بمدى تعزيز عوامل الصمود الوطنية، وخلق حوامل لها داخلية وعربية ودولية. يوم الارض، يوم عظيم، وباحيائه يفترض على الجميع التوقف امام الكيفية، التي نحمي فيها الارض والوطن من التآكل والتلاشي، ووضع خطط عملية وجدية وواقعية لحمل الهبة الشعبية وتطويرها وترشيدها بما يخدم مصالح الشعب الفلسطيني وفرملة المخطط الاسرائيلي التصفوي.