اكتمال حلقات الفاشية- عمر حلمي الغول
الفاشية الاسرائيلية بلغت الذروة، تتكامل اللوحة السوداء، كما لم تتكامل من قبل. فإذا راقب الانسان في الاسبوع الاخير جملة الممارسات والمواقف التحريضية المقترنة بالسياسات الرسمية والشعبية، فإنه يلحظ التالي: قيام جندي إسرائيلي قاتل في الخليل باعدام الشاب الفلسطيني الجريح، الشهيد عبد الفتاح الشريف من النقطة صفر، لانه فلسطيني؛ قيام رئيس الحكومة ووزراء وقيادات حزبية أخرى وقطاع واسع من الشارع الاسرائيلي وقطعان المستعمرين، بالاعلان عن تضامنهم مع الجندي القاتل، حيث جمعوا التواقيع على عريضة للافراج عنه، وتظاهروا امام مبنى المحكمة لذات الغرض؛ جانب آخر من الصورة، دعوة الحاخام يتسحاق عوفاديا يوسف في خطبة دينية يوم الاحد الماضي إلى طرد الفلسطينيين العرب إلى السعودية، وجاء في فتواه: "يُحظر على كل الغوييم او الجنتلز في إسرائيل، أي كل الفلسطينيين، وفق الشريعة اليهودية، أن يعيشوا بين اليهود في إسرائيل.."؛ ترافق مع ذلك التبني المبدئي للكنيست الاسرائيلي قرار طرد النواب الفلسطينيين العرب في حال تضامنوا مع ابناء شعبهم، كما جرى التحريض على نواب التجمع الثلاثة؛ وتلازم مع تحريض آفي ديختر على رئيس القائمة المشتركة، النائب ايمن عودة، لانه صرح بالحقيقة عن دوره في ارتكاب عمليات قتل ضد عدد من القيادات الفلسطينية؛... وغيرها من المواقف والممارسات الرسمية والشعبية الاسرائيلية، التي تعكس السقوط في وحول العنصرية السوداء القاتلة.
المواقف العنصرية الاسرائيلية وصلت الذروة في التحريض على الشعب الفلسطيني ككل، ولم يعد هناك فلسطيني جيد وآخر سلبي، وإن وجد هناك تمييز، فهو تمييز شكلي وتضليلي ومخادع للضحك على دقون البعض. لان الفلسطيني الجيد في نظر المؤسسة الرسمية والاحزاب الصهيونية باتجاهاتها ومشاربها المتعددة وقطعان مستعمريهم، هو الفلسطيني الميت. والتغول الفاشي في الشارع الاسرائيلي يجد انعكاسه بقوة في الخطاب الايديولوجي والعقائدي والسياسي والثقافي والاقتصادي وحتى الرياضي.
لم تعد المؤسسة الرسمية الاسرائيلية التشريعية والتنفيذية والقضائية تقبل القسمة على انصاف الحلول. ويتناغم معها الشارع الاسرائيلي بقوة، لا بل انه يسبقها، وتقوم القوى السياسية والاحزاب الاسرائيلية الصهيونية بالمزاودة على بعضها البعض لكسب ود الشارع المنفلت من عقاله في الانحدار نحو هاوية الفاشية بابشع اشكالها. هذا التكامل بين المؤسسة الدينية والايديولوجيا الوضعية والمؤسسة الرسمية باقسامها الثلاثة يؤشر بقوة الى بلوغ دولة التطهير العرقي الاسرائيلية أعلى درجات الفاشية. والادعاء بـ"الديمقراطية" ليس سوى كذبة كبيرة ومفضوحة، لا تمت للحقيقة بصلة. ومن يتساوق معها في اميركا واوروبا، يتحمل كامل المسؤولية السياسية والاخلاقية عما ستؤول اليه الامور في إسرائيل وفلسطين وعموم المنطقة. ومن يعاني من عقدة النقص تجاه الهولوكوست (المحرقة) في الحرب العالمية الثانية، عليه الا يخطىء مجددا بالتساوق مع المحرقة الجديدة، التي تعد لها دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية ضد الشعب العربي الفلسطيني.
لا قيمة لقيم الثقافة والتنوير والديمقراطية، التي تتغنى بها اوروبا واميركا، إذا ما واصلت التغطية على ابشع اشكال الفاشية الجديدة، وان كانت تلك الدول والاقطاب الدولية معنية بتلك القيم الانسانية فعلا لا قولا ولا كسلعة للتضليل والخداع لابناء الشعوب الفقيرة والواقعة تحت نير الارهاب الاسرائيلي المنظم، عليها ان ترفع الصوت عاليا ضد حكومة نتنياهو؛ وفتح الابواب واسعة امام فرض العقوبات على الدولة المارقة والخارجة على القانون لحمايتها من جنون فاشيتها وحماية الشعب الفلسطيني ولتعزيز ركائز عملية السلام وبلوغ حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. وعلى قيادة الشعب الفلسطيني إعادة النظر في اليات العمل الجارية مع دولة الاحتلال الاسرائيلية، ورفع سقف ومستوى المواجهة معها لحماية الذات الوطنية، واعادة الاعتبار لمنظمة التحرير ومؤسسة السلطة الوطنية وبالتالي الاهداف والحقوق السياسية.
oalghoul@gmail.com