الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان    الاحتلال يشرع بهدم بركسات ومنشآت غرب سلفيت    الاحتلال يعتقل شابا ويحتجز ويحقق مع عشرات آخرين في بيت لحم    10 شهداء في استهداف شقة سكنية وسط غزة والاحتلال يواصل تصعيده على المستشفيات    استشهاد مواطن وإصابة ثلاثة آخرين خلال اقتحام الاحتلال مخيم بلاطة    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد بالأغلبية قرارين لدعم "الأونروا" ووقف إطلاق النار في غزة    الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب  

الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب

الآن

هويتان - حنان باكير

لا أدري من أين تأتين بكل تلك القصص الدرامية. انت تطاردينها، ام هي تبحث عنك وتتبعك؟ هذا ما ردده اكثر من مرة الصديق، مسؤول الصفحة الثقافية والاجتماعية، حيث كنت اعمل. أضحك وأجيبه: بعض القصص انا أطاردها، وبعضها الآخر، هو من يدق بابي!

ما حملني على تذكر هذا الامر، ربما كان، تانك الهويتان المتناقضتان، اللتان عرفت صاحبيهما، في اوسلو. السنكري ميمون. رأيته لأول مرة، منذ سنوات طويلة، عند صديقة لي، كان يعمل في بيتها. ولأن الخراب غالبا ما يحدث في عطلة نهاية الاسبوع، ويصعب عليك ايجاد عامل نرويجي، يلبي حالاتك الطارئة، فقد اتصلت بصديق، وطلبت منه، بشكل عاجل وطارئ، من يصلح لي شيئا في الحمام. ولأنه يعرفني جيدا، قال لي، ليس لك الا ميمون! اخذت رقم هاتفه واتصلت به. جاءني بأسرع مما توقعت.. سألته عن التكلفة، اجابني، العطل كان بسيطا، ولا يستحق أجرا! ربما في مرة ثانية. استغربت الأمر!

في المرة الثانية، حدث عطل في حنفية الماء الساخن، فاتصلت به ولبى الدعوة بسرعة. أنجز عمله وكان لديه القليل من الوقت، لشرب فنجان قهوة. ميمون عربي السمات، داكن اللون، قصير القامة. وهو من أب يهودي يمني، وأم يهودية من رومانيا. عرفته بأني فلسطينية. بعد دردشة قصيرة، عرفت انه في السادسة والسبعين من عمره، جاء الى هنا من "اسرائيل". وقد ولد هناك، قلت له: يعني انت ولدت فلسطينيا، وبعمر العشر سنوات صرت "اسرائيليا"! لأنك اكبر من النكبة بعشر سنوات! جاء ابوه من اليمن الى فلسطين، بسبب الفقر المدقع! وكذلك أمه الرومانية، التي فرت الى فلسطين من الفقر ايضا. سألته: وهل وجدا أنهار العسل واللبن في فلسطين؟ هز رأسه بأسى وقال: لو حدث هذا لما كنت سمكريا! قبل ان أنهي المرحلة الابتدائية، قالت لي أمي: عليك ان تعمل لتأكل خبز يومك! عانينا فقرا مذلا. مضى على وجودي هنا خمسون سنة. قلت: واين تشعر بالانتماء؟ قال انا نرويجي من خمسين سنة، وسأموت هنا! ميمون لم ينجب اولادا.

أبو احمد، النجار الفلسطيني، والذي جاء لصبغ جدران شقتي. حكى لي كيف شهدت طفولته، مآسي نكبة الـ 48، قبل ان تغادر عائلته الى الضفة الغربية، التي شهدت بداية شبابه، وآلام نكسة الـ 67، فغادر الى الاردن، وتنقل بين سوريا والأردن، بحثا عن هوية، وانتماء، وعمل يقيم أود عائلته. ولما أضناه البحث والفشل.. ركب البحر، وقادته اقداره الى النرويج. ورغم تقدمه في العمر الا أنه ما زال يعمل. وأولاده تقاسمتهم العديد من المنافي البعيدة.

أخبرني ابو احمد، الذي عاش في شمال النرويج، حال وصوله. قال: كنت أطلع كل يوم أمشي بالثلج، وافكر، شو اللي رماني هون؟ بتذكر حياتنا في فلسطين، وبيوتنا وزيتوننا، وابكي.. ذات مرة وانا عم بفكر هيك، ولا هالسما انشقت، وصارت تطلع منها أضواء خضراء وزرقاء وحمراء، خفت وركضت عالبيت، وصرت أصلي وأتشهد، ولما مر وقت طويل، وما قامت القيامة، طليت من الشباك، وشفت الناس عم تحتفل ومبسوطة، ووقتها تعرفت عالشفق القطبي.."

سألته عن مشاعر الانتماء للأماكن التي تناقلته، قال: يا خيتا ما في الا الوطن بجمعنا احنا وكل جراحنا! وما في غير رحم أرضنا راح تكون حنونة علينا لما نموت!

 

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024