ذكرى معركة مخيم جنين.. دروس وعبر - عزت دراغمة
ذكرى معركة مخيم جنين التي صادفت أمس، الثاني من نيسان عام 2002، ستبقى في سجل الخالدين ومن الملاحم البطولية التي خاضها أبناء الشعب الفلسطيني موحدين وعلى قلب رجل واحد، بينما زج إليها جيش الاحتلال عشرات الدبابات والآليات والمروحيات والمقاتلات الجوية ومئات الجنود واحدث أسلحته العسكرية، وحاول تدمير جميع منازل ومباني المخيم فوق رؤوس أصحابها وساكنيها، فضلا عن تنفيذه إعدامات ميدانية ضد مدنيين عزل وهنا لا يزال جميع سكان المخيم يتذكرون ويشيدون بشجاعة قادته الذين تم إعدامهم وخاصة الضابط الشهيد أبو جندل الذي تعرفت على صدق انتمائه لوطنه فلسطين كأحد تلامذة الرئيس الشهيد أبو عمار.
معركة وحصار وتدمير مخيم جنين لم تكن الجريمة الأولى التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني كما لن تكون الأخيرة، سيما ان الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاته لا تزال متواصلة، لكن هذه الجريمة التي أكدت إصرار الشعب الفلسطيني على استمرار صموده وصولا للتحرر الوطني وإقامة دولته، كان لها أبعاد وتداعيات على الساحة الوطنية وحتى على المستوى الجماهيري والرسمي وعلى صناع القرار والمؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية التي كررت الجريمة نفسها سواء في الضفة أو قطاع غزة ولا تزال دونما اخذ العبر والاستفادة منها.
فالأسبوعان اللذان حاول خلالهما جيش الاحتلال الإسرائيلي وآلته العسكرية اقتحام المخيم قبل الشروع بتدميره عبر المروحيات والمدفعية والقذائف المحرمة دوليا، ورغم كل الإدانات الدولية لما جرى في مخيم جنين لم يشكلا درسا لجنود الاحتلال وقادتهم فحسب بل دفعهم لاستنزاف الشعب الفلسطيني من خلال ممارسات عدوانية أخذت أشكالا وأبعادا أخرى كمواصلة الاعتقالات والتصفيات والاعدامات الميدانية خاصة على الحواجز العسكرية، ما يعني أن الاحتلال الذي توقع تجريمه من المجتمع الدولي لم تردعه الإدانات الدولية، وبدلا من التوجه إلى العملية السياسية بمصداقية قام أيضا بتدمير كل الجهود الدولية الرامية لإفشال المساعي السلمية، ما يعني أيضا أن الحكومة الإسرائيلية لا تزال متمسكة بسياستها وإستراتيجيتها التي تتطلب إحداث تغيرات في المواقف الدولية تجاه إسرائيل، تجبرها على التجاوب من جديد مع المبادرة الفرنسية لتنظيم مؤتمر دولي يحدد ويقرر نهاية الاحتلال.