المجتمع الفلسطيني شاب... ولكن - عزت دراغمة
بقدر ما تبعثه نتائج تقرير جهاز الإحصاء المركزي من تفاؤل وفرح كبيرين كون المجتمع الفلسطيني مجتمعا شابا ويافعا، بقدر ما يترتب على ذلك من مسؤوليات وتبعات تحتاج إلى اهتمامات مضاعفة تطلب موازنات مالية ضخمة وبرامج وسياسات بناءة وخاصة، تجعل من هذا المجتمع بناة دولة نموذجية تكون في طليعة الدول في شتى المناحي والتنوع التقني والحضاري، لا سيما في حال استقرار الأوضاع السياسية ما يضمن تحول الدولة الفلسطينية إلى عضو كامل العضوية في الأمم المتحدة ونهضتها الاقتصادية بعيد جلاء الاحتلال والانعتاق من تبعيته بشكل كامل. إن كون نصف أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة وقطاع غزة (2,165,288) من الأطفال والفتية ممن هم دون سن الثامنة عشرة، يعني أن ما يحمله المستقبل لهذا الشعب من امال وتطلعات، أفضل بكثير من شعوب ودول أخرى تعاني من شيخوخة مجتمعاتها، غير أن التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني تستدعي الكثير الكثير من التركيز والاهتمام المضاعف والمكثف لجعل هذا الجيل قادرا على تخطي كل العقبات وتجاوزها بنجاح محقق، وفي المقدمة منها العقبة الكأداء المتمثلة بالاحتلال وتبعاته. إن مؤسساتنا الرسمية والمجتمعية على اختلاف مسمياتها واختصاصاتها مطالبة اليوم قبل غد بالشروع في وضع تصورات وخطط وبرامج توعية، تستهدف تنوير أبناء هذا المجتمع وولاة أمرهم لإقناعهم وتشجيعهم على التنوع المهني والأكاديمي من ناحية، ورسم خطط لتأمين المستقبل التعليمي والتدريبي المهني بكافة أنواعه وأشكاله من ناحية أخرى، بحيث تكون هذه الخطط والبرامج على المدى غير البعيد قادرة على التنفيذ وقعا وليس مجردة وحبرا على ورق، بمعنى استنهاض الحياة المهنية والتعليمية الأكاديمية جنبا إلى جنب لسداد الحاجة التي تتطلبها السوق المحلية للدولة ومؤسساتها بما يجعل البطالة العامة والمقنعة في ادنى صورها من جهة، ومن جهة ثانية يجعل من فلسطين مصدرا للخبرة ترفدها بتحويلات مجزية تساهم في تقدمها الإقليمي والدولي.