الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان    الاحتلال يشرع بهدم بركسات ومنشآت غرب سلفيت    الاحتلال يعتقل شابا ويحتجز ويحقق مع عشرات آخرين في بيت لحم    10 شهداء في استهداف شقة سكنية وسط غزة والاحتلال يواصل تصعيده على المستشفيات    استشهاد مواطن وإصابة ثلاثة آخرين خلال اقتحام الاحتلال مخيم بلاطة    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد بالأغلبية قرارين لدعم "الأونروا" ووقف إطلاق النار في غزة    الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب  

الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب

الآن

"الكتابة على الحائط .." والنظام العالمي الجديد - مراد عبد المجيد شاهين

تستخدم عبارة قراءة الكتابة على الجدران في اطار التعبير المجازي عن الفطنة والذكاء؛ فمن يُحسن تقدير المواقف ويكون لمّاحاً وذا بديهة لا يدع للأحداث مجالاً لأن تفاجئه. وعلى العكس من ذلك فإن من لا يقرأ الكتابة على الحائط يكون إما عاجزاً عن رؤية الأشياء أو غير مكترثٍ بما حوله او بما هو آت. وفي هكذا حال دائما سيقع اسيراً لعنصر المفاجأة ومن بعدها ستكون ردود الأفعال العفوية والتخبط. وإن ما يحدد هل أو كيف أو حتى لماذا تقرأ المجتمعات أو الدول الكتابة على الحائط هو درجة النضج الفكري والثقافي والحضاري المُتأتية من غزارة التجربة لتلك المجتمعات أو الدول. "الكتابة على الحائط" اليوم، ومنذ انهيار النظام العالمي ثنائي القطبية في مطلع تسعينيات القرن الماضي تُنذر بحلول نظام عالمي جديد ومعركة تشكيله ما زالت تدور رحاها. وقد يستقر على شكل يعيد للأذهان صورة من صور النظم العالمية السابقة، كما انه قد يتبلور لدينا نظام عالمي غير مألوف ولا حتى مُتخيل من قبل الكثير من الأفراد والمجتمعات والدول، خصوصا في عالمنا العربي. ومنبع اهمية الحديث في هذا الموضوع هو حقيقة انه مهما كان شكل النظام العالمي المقبل سيكون له تداعيات مباشرة او غير مباشرة على المديين القريب أو البعيد. والسبب انه لن يستطيع أحد الإفلات من سطوة ذلك الكيان السياسي العالمي الجديد هو بطبيعة الحال العولمة التي اختزلت كوكب الأرض مكانيا وزمانيا ليصبح، حسب وصف البعض، قرية كونية فلم يعد لدى اي أحد ما يبرر إمكانية الاعتزال أو عدم الاكتراث بما يدور حوله أو بما هو آتٍ. ومن بين أهم مظاهر النظام الجديد هو انفكاك نظام ثنائية القطبية التي حافظت على استقرار العالم (اي دون حروب عالمية) لأكثر من نصف القرن. وبزواله يمكث العالم في حالة خطيرة من الفراغ السياسي العالمي حتى يأتي ما يحل مكانه وإلا تعم الفوضى في العلاقات الدولية وربما ينحدر العالم في دوامة صراعات قد لا ندرك منتهاها. ونستذكر هنا الأيام والشهور التي استقبل العالم فيها أخبار انهيار جدار برلين والمنظومة السوفييتية برمتها من بعد ذلك، وامتطت الولايات المتحدة الاميركية صهوة السياسة الدولية وأعلن انتهاء التاريخ بانتصار العالم الصناعي الغربي وقيمه الرأسمالية والديمقراطية. إلا ان استئثار الولايات المتحدة الاميركية بالسيطرة العالمية ادى الى خلق حالة استبداد سياسي وأمني عسكري أثارت حفيظة دول كبرى حول العالم. والمظهر الثاني للنظام العالمي الجديد هو تنامي ظاهرة الحروب النعرات القومية والدينية امتدت من جنوب شرق آسيا الى وسط وغرب القارة الإفريقية وحتى دول البلقان. في البعض من هذه الأحداث تدخلت الولايات المتحدة متسلحة بمبدأ حماية مصالحها من جهة وبحلف شمال الأطلسي من جهة أخرى، مثلما حصل في البلقان. وفي أنحاء اخرى من العالم لم تكترث الولايات المتحدة بها مثل الحروب الإثنية في رواندا وبوروندي والكونغو في افريقيا. والمظهر الثالث هو عدم تقبل دول مثل روسيا، الصين، الهند، البرازيل وجنوب افريقيا للهيمنة الاميركية وكان التعبير عن عدم الرضى هذا بانشاء منظمة البريكس (BRICS). تلك المنظمة تحمل الطابع الاقتصادي في مجال التجارة والتمويل العالميين لتوازي بذلك الهيمنة الاميركية على الاقتصاد العالمي. ومن قبل البريكس كانت روسيا والصين وعدد من دول آسيا الوسطى انشأت منظمة الشنغهاي للتعاون (SCO) وهي منظمة تحمل الطابع الأمني العسكري. وبذلك نجد أن رِئَتي التحالف الصيني-الروسي بالأساس اكتملتا بشقيهما الأمني والاقتصادي استعداداً لأخذ مقاعد متقدمة في النظام العالمي المقبل. بعد كل هذا نطرح الأسئلة التالية: هل قرأ العالم العربي الكتابة على الحائط عندما كانت الصين تصعد في مراتبها الاقتصادية لتحتل مواقع متقدمة في الاقتصاد والتجارة العالمية؟ هل قرأ العالم العربي الكتابة على الحائط عندما سمعوا خطابات الدعم والتأييد الاميركية والبريطانية لحركة التضامن العمالية البولندية في ثمانينيات القرن الماضي؟ هل قرأ العالم العربي الكتابة على الحائط عندما التقى ميخائيل جورباتشوف رونالد ريغان ومارغريت تاتشر؟ وغيرها كثير من التساؤلات. إن كانوا قد رأوا الكتابات على الحائط ماذا فعلوا بها؟ إن عدم القراءة او حتى القراءة الخاطئة للتحولات السياسية الكونية من حول العالم العربي كانت اولى نتائجها الكارثية هي اجتياح العراق للكويت، ومن ثم انضمام الدول العربية للتحالف الدولي لاحتلالها. وتبع ذلك احتلال بغداد بعد سنوات طويلة من الحصار. لقد كانت تلك الجولة الأولى التي خسر العالم العربي فيها فرصة تاريخية للاستثمار السياسي في نظام عالمي متحول. واليوم، ايضا، يبدو ان العالم العربي لم يتفاعل مع معركة النظام العالمي الجديد ولم يكن فقط غير قادر على التأثير في الأحداث بل اصبح ضحيتها. فإذا ما امعنا النظر في حالة التخبط والإرتباك السياسي في العالم العربي، والمغامرات العسكرية التي تخوضها الدول مع شقيقاتها العربية من جهة، وبين بعض الدول  ضد شعوبها من جهة اخرى فسنجد ان العالم العربي يخسر الآن الجولة الثانية في معركة النظام العالمي الجديد. ما لم يكن هنالك قراءة متمعنة في الكتابات على الحائط وصناعة الأحداث او استباقها لتفادي تكرار الخسارة في الجولات القادمة فإن الخسارات القادمة قد تكون اعظم. فمعركة العالم العربي يجب ان تكون في القضاء على البطالة والفقر في صفوف شعوبها الشابة ورفع مستوى معيشتها، وبناء شراكات قائمة على الندية مع حلفائم في اوروبا والاميركتين والصين وروسيا والهند.

* دائرة العلوم السياسية/ جامعة بيرزيت 

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024