الجرحى نزفوا من اجل الحرية - تمارا حداد
قضية الجرحى الفلسطينيين هي قضية انسانية بامتياز ، كونها تمس كل اسرة فلسطينية وتؤثر على الروابط العائلية والاجتماعية والنفسية في الاسرة الفلسطينية ، نتيجة الاعاقات التي اصابت الجرحى الفلسطينيين ، فلا يكاد يخلو بيت فلسطيني إلا وفيه جريح خلال السبعون عاما الماضية . فالجرحى الفلسطينيين هم الجرح النازف لفلسطين جرحوا بخناجر الآلات الصهيونية الحاقدة فقضيتهم تحتل مكانة متميزة في الوجدان الفلسطيني وتعتبر المحور والضلع الثالث بعد الاسرى والشهداء الفلسطينيين .
فمنذ عام 1948 وعدد الجرحى الفلسطينيين في تزايد مستمر نتيجة وجود الاحتلال الاسرائيلي ونتيجة الممارسات اللا انسانية بحق الشعب الفلسطيني . ففي الانتفاضة الاولى كان عدد الجرحى الفلسطينيين 70 الف جريح . اما الانتفاضة الثانية وصل عدد الجرحى الى 48322 جريح . اما في حرب 2008 -2009 في غزة وصل عددهم الى 43361 . وفي حرب 2012 وصل عدد الجرحى الى المئات . وفي حرب 2014 وصل عددهم الى 10870 . اما في انتفاضة القدس وصل عدد الجرحى الى 15759 .
والفئة الاكثر تضررا من تلك الجراح هي فئة الشباب نتيجة المواجهات التي تندلع فيما بينهم وبين قوات الاحتلال الاسرائيلي ، فمنهم من بترت اقدامهم ومنهم من اصيبوا بشلل دماغي كامل او شلل نصفي او فقدوا البصر والسمع .ناهيك عن الاحتلال الاسرائيلي الذي يترك الجرحى ينزفون حتى الموت ، فيمنع الاحتلال تقديم العلاج لهم ، فالاحتلال يرتكب جريمة بحقهم وهذا يخالف القوانين الدولية وخاصة اتفاقية جنيف الاولى التي تعنى بتحسن حال الجرحى والمرضى .
ويخالف ايضا المادة الثانية عشر من اتفاقية جنيف الخاصة بتحسن احوال الجرحى والتي تلزم اسرائيل بتقديم الرعاية الطبية وفقا للأحوال الطبية والمعاملة الانسانية دون التمييز بالعرق او الدين ، بالرغم ان اسرائيل وقعت على اتفاقية جنيف حسب المادة ( 146 ) إلا انها لا تلتزم بلك الاتفاقية . فالمسعفون الاسرائيليون يخالفون كافة القوانين التي تلتزم بها منظمات الاسعاف دوليا بتقديم العلاج لأي مصاب حتى لو كان في اوقات الحروب وبصرف النظر عن جنس المصاب او دينه او عرقه .
والأكثر تضررا هم جرحى قطاع غزة والذي فاق عددهم الى 147 الف جريح نتيجة الحروب الثلاثة المتوالية عليهم . فهم يعانون معاناة مزدوجة وهما معاناة الفقر والبطالة والحصار الخانق عليهم ومعاناة الجرح الجسدي نتيجة نقص المستلزمات الطبية والأجهزة ونقص الاطراف . فهم يصارعون من اجل العلاج اللازم لهم ومن اجل تحويله طبية تنقذهم من جراحهم العميقة ، فهناك تقصير واضح لجرحى قطاع غزة نتيجة غياب الدور الرسمي المحلي والعربي والدولي من اجل دعمهم للعيش في كرامة انسانية وعدالة اجتماعية .
فالجرحى الفلسطينيين يحتاجون ان يحظوا بالاهتمام امام تضحياتهم التي قدموها من اجل الوطن ، فإحصائية الجرحى فاقت الخطوط الحمراء فقضيتهم يجب بلورتها بإستراتجية اعلامية شاملة وواضحة المعالم لتجمع الاعلام الفلسطيني والعربي والدولي . وكسر قالب النمطية في التعاطي مع قضيتهم واستغلال الاعلام الجديد في تقديم العون لهم وتخصيص مساحات عريضة بسياسات تأهيلية تنسجم مع قضيتهم .
ودعمهم بقرارات قانونية تحفظ حقهم وتطبيق مشاريع وبرامج تساندهم وتكفل حقهم بالعيش الكريم لهم ولعوائلهم اسوة كباقي الاسر الفلسطينية ودعمهم من الناحية النفسية . فتسليط الضوء على قضيتهم واجب ديني وأخلاقي ووطني بحت يحتم على الكل الفلسطيني كل من موقعه ان يقوم بدور فعال في الوقوف بجانبهم وجانب اسرهم وتوثيق جراحهم لتكون شهادة دولية امام العالم وأمام المحاكم الدولية لفضح جرائم الاحتلال الصهيوني .