الملك سلمان في مصر ماذا بعد يا إخوان - ناصر الصرامي
جاءت وقفة السعودية إلى جانب مصر العروبة، وشعبها، ضــد أخونتها وتقسيمها واختطافهــا موقف تاريخي للأمن العربي.. وقفة الرياض مع القاهرة واستقرارها لا يوازيه عربياً إلا موقف العرب في حرب 73 كما أشير حينها. ما قامت به السعودية والراحل الكبير الملك عبدالله بن عبدالعزيز كان موقفاً صارماً، ولو لم يتم بتلك السرعة والتوقيت والحشد السعودي السياسي والإعلامي والاقتصادي، وبكل قوى الدفع الممكنة، واستمر «الإخوان» في الحكم لسنوات معدودة ومضوا قدماً في الإخونة وتحريك التنظيم الدولي، وخلايا الخليج الظاهرة والمستترة، لأصبحت مصر، -كما دول الإخوان- مصدر قلق وفوضى حقيقي لدول الخليج العربي. اليوم ترحب مصر بالملك سلمان بن عبدالعزيز بشكل استثنائي في زيارة تاريخية تتفوق على مجرد بعث رسائل، لكنها في برنامجها الشامل وتنوع المباحثات والزيارات تغوص في عمق الملفات الساخنة، ليس للبلدين وحسب، ولكن للواقع العربي والإسلامي بشكل شامل. الرياض والقاهرة هي حضن الأمن العربي، والعاصمتين الكبيرتين تؤكد هذا الدور بما يشمله من الملفات الاقتصادية والسياسية والثقافية والأمنية والعسكرية، قد تنقل العلاقة من الإطار التقليدي - الثنائي إلى الإطار الإستراتيجي العربي والإسلامي ممتدة إلى أطراف آسيا والقارة الإفريقية. كما أن الزيارة تأتي في الوقت الذي تقود فيه السعودية تحالف عربي-تشارك فيه مصر- لإعادة الشرعية في اليمن، والوقوف وسط الاطماع والنفوذ الإيراني في أكثر من بلد عربي بشكل فاضح وسلبي، مهددة للأمن القومي للدول العربية ودول الخليج العربي، والتي كادت أن تكون بين الكماشة الفارسية من جهة وبين الإخوان في جهة مقابلة، وبالتالي تشكيل خطر باضعافها وابتزازها وتفتيتها وتقسيمها!. وما تقوم به السعودية اليوم بقيادة الملك سلمان في مواجهة حازمة لتقليص النفوذ الإيراني في المنطقة العربية من اليمن والعراق وسوريا ولبنان، كما أفريقيا. القضاء على نفوذ طهران، ودعمها للإرهاب، مع استمرار السعودية في قيادة المواجهة على جبهتها الثلاث جنوباً وشرقاً وشمالاً، يجعل من السعودية ومصر العمق والملاذ العربي والإسلامي للأمن القومي واستقرار المنطقة في ظل الأطماع الإقليمية المعروفة وحتى أطماع الجماعات الإرهابية. طالما كان هناك لوم على السعودية بسبب عدم تدخلها القوي والسريع في ملفات إقليمية، في مواجهة قوى إقليمية وتنافسية صديقة أو غير صديقة، وهو لوم ينبع من فئتين الأولى حريصة وترى أن هذه البلاد باعتدالها قادرة على فعل الكثير، والثانية كارهة، قد تتلبس الحرص للذم والتقويض!. لكن التاريخ يؤكد مجدداً أن المواقف السعودية هي الأبرز والأكثر قدرة على التأثير، وقلب كل الأوراق، وهو أمر واضح من خلال النشاط السياسي والأمني والعسكري الكبير في الرياض، منذو تولي الملك سلمان مقاليد الحكم. في تجسيد جديد على أن السعودية هي قلب العالم العربي والإسلامي السياسي والاقتصادي والأمني والروحي. يؤكد الملك سلمان أنه قائد الأمتين العربية والإسلامية في مرحلة دقيقة.. تواجه فيه السعودية حرب على أكثر من جبهة، إضافة إلى الحرب المستمرة على الإرهاب في الداخل والخارج، ووسط ملفات سياسية غاية في التعقيد، أنجزت الرياض خلال سنة ما قد يحتاج إلى عقد أو أكثر.. ولا زالت تعد للكثير من المفاجآت السارة للعرب والمسلمين.