دلالات القاعدة الاميركية- عمر حلمي الغول
نهاية الاسبوع الاول من نيسان الحالي كشف أمير بوحبوط، المراسل العسكري لموقع "والاه" الاسرائيلي عن قيام الجيش الاميركي ببناء قاعدة عسكرية، ستكون على إرتباط بمحطة الرادار "X" المقامة قرب المفاعل النووي الاسرائيلي في ديمونا. التي يشغلها ضباط وجنود اميركيون. ووفق المصادر العسكرية، التي استقى منها بوحبوط معلوماته، فإن القاعدة باتت في مراحل متقدمة من البناء، او بتعبير آخر شارفت على الانتهاء، لا سيما ان عملية البناء فوق وتحت الارض، لها ثلاث سنوات وعلى مدار الساعة.
ورغم ان الليفتنات كولونيل ديفيد ويستوفر، الناطق باسم قيادة القوات الاميركية في اوروبا، نفى في رسالة بالبريد الالكتروني إلى موقع "تايمز أوف إسرائيل" ما تناقلته وسائل الاعلام عن بناء قاعدة عسكرية جديدة، مؤكدا ان اميركا تحتفظ ببعض البنية التحتية المحددة في القواعد الحالية التابعة لجيش الاحتلال الاسرائيلي، إلا ان موقع "والاه" ومراسله العسكري ومن سرب الخبر من المصادر الامنية الاسرائيلية، ليس لهم مصلحة في ترويج معلومات تضر المصالح المشتركة بين البلدين. وبالتالي نفي الليفتنات كولونيل ويستوفر غير دقيق، ولاعتبارات خاصة باميركا. مع ان اللحظة السياسية لا يوجد فيها ما يشعر الادارة الاميركية باي شكل من اشكال الحرج تجاه حلفائها العرب والمسلمين في الاقليم، لانهم جميعا يتلمسون رضى قيادة دولة التطهير العرقي الاسرائيلية. أضف إلى ان طبيعة العلاقات الاستراتيجية الاميركية الاسرائيلية تشكل الارضية الصلبة لبناء القاعدة العسكرية الجديدة. لأنها ليست المنشأة العسكرية الاميركية الاولى، التي تقيمها اميركا في إسرائيل، فهناك قاعدة الرادار "X" في النقب وايضا لأميركا مخازن اسلحة وذخائر تحتفظ بها بكميات كبيرة، وهي مقامة على اراضي قرية رنتيس المحتلة عام 1967، ويعمد الجيش الاميركي لتسليمها للجيش الاسرائيلي دون ربط ذلك بالمساعدات المقررة سنويا، وضمن ما يسمى "فائض الاسلحة والذخائر الاميركية." الامر الذي يثير علامة سؤال حول النفي الاميركي. لانه غير مبرر، ويتنافى مع طبيعة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وحتى يتناقض مع حجم سخاء إدارة اوباما المالي/ الاقتصادي والعسكري/ الامني تجاه إسرائيل.
ومع ان عملية بناء القاعدة العسكرية الجديدة في محيط تل ابيب، سابقة لاتفاق الـ(5ـ+1) ولحملة نتنياهو الديماغوجية ضد الاتفاق مع إيران، بمعنى انها خارج جائزة الترضية الاميركية لحكومة نتنياهو العسكرية والامنية، التي وعدت بها للتخفيف من صراخها ضد الاتفاق مع إيران. وبالتالي بناؤها يدلل على عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين؛ وحرص الولايات المتحدة على تأمين حماية إسرائيل، واستمرار تفوقها على اية قوى تفكر بزعزعة مكانتها وديمومتها في المنطقة؛ كما يؤكد ان مهمة إسرائيل كقاعدة متقدمة للولايات المتحدة، لم تنتهِ، وما زالت حاضرة بقوة في قوة الردع الاميركية في منطقة الشرق الاوسط، ليس فقط ضد اية نزعات إيرانية او لـ"حزب الله" وانما ضد اي قطب دولي قد يفكر في قلب الطاولة او يحاول خلط الاوراق في المعادلة السياسية في الاقليم؛ ولكن لا يستطيع المرء الاعتقاد، بأن بناء القاعدة الجديدة، إن كان له علاقة بطمأنة حكومة نتنياهو وائتلافه الحاكم للاندفاع نحو التسوية السياسية، لان السياسات الاميركية السابقة واللاحقة، لا تشير لحرصها على تحفيز خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967 إلا بالبيانات الاعلامية الشكلية.
إذا القاعدة العسكرية الجديدة، تعتبر إضافة نوعية لطبيعة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين. ودخولها لحظة سياسية جديدة او كما هو متداول في الاوساط السياسية، ناجم عما تمثله إسرائيل كولاية عضوية في المنظومة السياسية الاميركية. وهذا يتناقض مع التبسيط الساذج لبعض القراءات السياسية لاقامة القاعدة، حيث ربطها البعض بزمن وصول الامداد الاميركي لاسرائيل زمن الحرب، وهذا غير دقيق، لان من يعود لكل الحروب الاسرائيلية العربية، لاحظ الحضور الاميركي القوي فيها ومنذ اللحظة الاولى لاي منها.
oalghoul@gmail.com