الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال القدس    تحقيق لـ"هآرتس": ربع الأسرى أصيبوا بمرض الجرب مؤخرا    الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حاجز تياسير شرق طوباس    شهداء ومصابون في قصف الاحتلال لمنزل في رفح جنوب قطاع غزة    الاحتلال يواصل اقتحام المغير شرق رام الله لليوم الثاني    جلسة لمجلس الأمن اليوم حول القضية الفلسطينية    شهيدان أحدهما طفل برصاص الاحتلال في بلدة يعبد    مستعمرون يقطعون عشرات الأشجار جنوب نابلس ويهاجمون منازل في بلدة بيت فوريك    نائب سويسري: جلسة مرتقبة للبرلمان للمطالبة بوقف الحرب على الشعب الفلسطيني    الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي    الاحتلال ينذر بإخلاء مناطق في ضاحية بيروت الجنوبية    بيروت: شهداء وجرحى في غارة إسرائيلية على عمارة سكنية    الاحتلال يقتحم عددا من قرى الكفريات جنوب طولكرم    شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    "فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم  

"فتح" تنعى المناضل محمد صبري صيدم

الآن

محطة نابلس نموذج للذاكرة المنسية!

ربما لم يتصور السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، في أسوأ كوابيسه، ان اسمه والألقاب التي اسبغها على نفسه، سيجدها، أي عابر سبيل ملقاة على قارعة الطريق في مدينة نابلس، هذا اذا ابدى هذا العابر اهتماما.
والحديث يدور عما تبقى من محطة نابلس، في الخط الحديدي الحجازي، الذي كان المشروع القومي والديني للإمبراطورية العثمانية في عصر السلطان عبد الحميد، ورغم اهمية محطة نابلس في ذلك المشروع الحيوي، فان موقع المحطة، في احد اهم شوارع المدينة الرئيسة وهو شارع فيصل، لا يحظى باهتمام رسمي او شعبي.
ما تبقى من المحطة احد الأبراج، الذي تسكنه احدى العائلات، مع الارض المحيطة به، ولم تجد غير بقايا الدوامر الحديدية، التي استخدمت في مد سكة الحديد، لوضعها كسياج حول المنزل، وهي التي تحوي اسماء والقاب السلطان، واسم الشركة الالمانية التي صنعت تلك الدوامر.
ورغم ان عوامل الطبيعة، والإهمال اثرت على ما تبقى من هذه الدوامر، الملقاة على قارعة الطريق الا انه يمكن قراءة ما خط عليها مثل (امير المؤمنين السلطان الغازي عبد الحميد الثاني عز نصره)، وكذلك الاحرف (GGH) وهي الأحرف الأولى لمنتجي الصلب الألمانية (Gute Hoffnungshütte). وتاريخ الصنع (1908) و(1907).
ويعود الفضل في مد خط سكة الحديد من نابلس، الى حيفا، ومن نابلس الى المسعودية (بين قريتي سبسطية وبرقة)، الى المهندس الالماني هنريغ اوغست مايسنر، الذي عرف باسم (مايسنر باشا)، وهو الذي اظهر قدرة ادارية وتنظيمية وهندسية في مد الخط الحديدي الحجازي من دمشق الى الديار الحجازية.
ويتذكر المسن راغب السردي، محطة القطار في نابلس، ويقول، بان العمل استمر في نقل البضائع، بين المسعودية ونابلس، حتى خمسينيات القرن الماضي، ويزعم بان جيش الاحتلال نقل دوامر الحديد، بعد عام 1967، واستخدمها في تحصين خط بارليف الشهير، الذي كان اسطورة الجيش الاسرائيلي "الذي لا يقهر"، ولكنه قُهر على ارض الواقع، عندما تمكن الجيش المصري، من اختراق هذا الخط المحصن، عام 1973، ولا توجد رواية مستقلة تؤكد استخدام جيش الاحتلال، لبقايا خط سكة الحديد في خط بارليف.
وانتقد المواطن مازن الشعار ما وصفه بالتقصير الرسمي، تجاه محطة نابلس، وطالب البلدية، بالمحافظة على ما تبقى منها، كالبرج، وتعريف الناس بها، لأنها كما يقول جزء من ذاكرة نابلس.
وبدى احد المواطنين (رفض ذكر اسمه) غاضبا: "اطالب بمحاسبة من فكك دوامر سكة الحديد وباعها الى الاسرائيليين، لقد شهدت بنفسي كيف دمروا ما تبقى من سكة الحديد، بتفكيكها وبيعها".
ويقول الباحث عبد الله كلبونة: "محطة نابلس، هي جزء من الخطوط الداخلية التي بنتها الامبراطورية العثمانية، وما تبقى منها دوامر ظاهرة بقيت حتى العهد الاردني، بالإضافة الى الغرف التي كانت تشغل القطار، والمسؤول عن هذا الموضوع دائرة اوقاف نابلس، وعندما كنت اعمل فيها اعددنا ملفا كاملا، عن هذا الخط، لكي يستفيد منه المفاوض الفلسطيني، لتثبيت حقنا، ولكن لم يحدث أي شيء".
ويضيف: "الاراضي التي كان يمر منها القطار، وهي اراض وقفية، تم الاعتداء عليها، والذين يسكنون في الغرف المتبقية هم احفاد من كانوا يديرون المحطة، وعلى دائرة الاوقاف ان تتابع الامر".
ويرى كلبونة ان: ""الخارطة السياحية لمدينة نابلس موجودة في دواخل الناس، ولكن المطلوب عمل خارطة سياحية حقيقية على الورق، وقبل فترة كان لدينا مشروع في دائرة اثار نابلس لإصدار مطوية عن المواقع الاثرية، ولكن اخراجها يحتاج الى امكانيات وجهود".
ويقول: "محطة قطار نابلس، لها علاقة بنهضة معينة في العهد العثماني، يجب الحفاظ على ما تبقى منها، والدوامر المتبقية، يجب ان توضع في متحف، ونحن نعمل على ايجاده في نابلس، منذ سنوات، والكرة الان في ملعب البلدية ووزارة السياحة والاثار".
الخط الحديدي الحجازي، كان المشروع القومي للإمبراطورية العثمانية، التي ارادت اعادة الصورة القوية لها في تلك الفترة، ويقول الدكتور جوني منصور، الذي اصدر كتابا عن الخط الحديدي الحجازي: "اعلنت الدولة العثمانية في الاول من ايار 1900، عن نيتها انشاء ومد خط حديدي خاص للحجاج المسلمين من دمشق الى المدينة المنورة ومكة المكرمة في الديار الحجازية، واطلق على هذا الخط اسم (سكة حديد الحجاز) او (الخط الحديدي الحجازي). واعتبر مشروع هذا الخط من ابرز واهم الانجازات التي قامت الدولة العثمانية بتنفيذها، رغم ان تنفيذه جاء متأخرا، حيث كانت هذه الدولة تعاني من ازمات ادارية وتنظيمية ومالية وغيرها، على الصعيد الداخلي، اضافة الى تعرضها لضغوط خارجية على مستويين سياسي وعسكري من قبل الدول المحيطة بها والبعيدة عنها، الطامعة في اقتطاع مساحات من اراضيها، او الاستثمار في هذه الاراضي والاستفادة من ثرواتها الطبيعية، او استغلال اسواقها لتصريف منتجاتها".
ويضيف: "المشروع عثماني- اسلامي صرف، ومقصده اعادة العثمانيين الى ما كانت عليه مكانتهم في العالم الاسلامي كمدافعين عن الاسلام، وتحسين صورتهم امام الغير –خاصة امام الاوروبيين- في مرحلة حصل فيها تراجع ملحوظ جدا على مكانة الدولة العثمانية ودورها في العالم".
قدرت كلفة الخط بنحو 3.5 ملايين ليرة عثمانية. افتتح السلطان عبد الحميد عملية التبرع، بمبلغ (320) ألف ليرة، وتبرعت الشعوب الاسلامية، وقدمت بنوك المانية المساعدة.
كان هذا الخط ينطلق من دمشق حيث كان يتفرع من بصرى جنوب سورية إلى خطين أحدهما يكمل المسير إلى الجنوب نحو الأردن، أما الآخر فكان يتجه غرباً باتجاه فلسطين. وتعد نابلس وحيفا وعكا أهم محطات الوقوف في فلسطين، ويتفرع من حيفا خط يربط الأخيرة بمصر.
ورغم وجود تواريخ على ما تبقى من دوامر محطة نابلس تشير الى عامي 1907 و1908، الا ان المدونات التاريخية تشير، الى ان بناء المحطة كان خلال الفترة ما بين (1911-1912)، وكان خط السير من نابلس الى حيفا يمر عبر العفولة، وفي ربيع 1915، انجز المهندس الالماني (مايسنر باشا)، خط سكة الحديد بين نابلس والمسعودية، بطول 12 كلم. وعلى الارجح ان هذا الخط استخدم حتى العهد الاردني، لان نكبة عام 1948، وضعت حدا لخط نابلس-حيفا، مرة واحدة، والى اجل غير مسمى.

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024