الجهل والتجاهل في العمل التنظيمي (2-2) - د.مازن صافي*
في الحلقة الأولى قلنا أنه يجب التفكير في مفهوم (الجهل والتجاهل) الذي يعتبر من عوامل الضعف التنظيمي في نفس الوقت، واتفقنا أن العمل الارتجالي والشخصنة في المهام التنظيمية يقود الى الأنانية والتخريب، والإنفلاش، وأن التنظيم الناجح يعني التواصل الناجح نجاح عملية الاتصال والتواصل ووصول الرسالة إلى جهتها وقراءة محتواها بدقة ووضوح، يقود الى صلابة الهرم التنظيمي وترشيد الوقت والجهد، ويمنع التشويش و الإرباك و عدم وصول الرسالة التنظيمية كما هو مطلوب.
ونكمل في هذه الحلقة ونبدأ بالقول إن القراءة والتثقيف التنظيمي واجبة، وبل مفروضة على كل عضو، فلا يمكن أن نفهم في هذا الوقت وفي ظل التطور الكبير والمتسارع والمتراكم والشديد الصعوبة والعميق المعايير والمفاهيم، أن يكتفي العضو في الإطار بتلقي معلوماته من "الإعلام" سواء الخبر الصحفي او التحليل والتقرير، وانتشرت وسائل العالم الالكتروني الجديد مثل "التواصل الاجتماعي الفيسبوك وتوتير والواتساب وتلغرام وغيرها من هذه البرامج، ومع أهميتها وفاعليتها، لا تعتبر تغذية تنظيمية متكاملة ومنشودة، ولا تغني عن العمل التنظيمي الميداني والمنظم والمتعارف عليه، وفي المقابل يجب معرفة وسائل التواصل الالكترونية الجديدة، لأن الجهل بها وتجاهلها يؤثر على مقدرة العضو في تسخير هذه الوسائل لصالح العمل التنظيمي والحركي، فلا بد من الاجتماع التنظيمي الدوري ولابد من رسالة إعلامية وتعبوية وتوعوية وتثقيفية متواصلة وواضحة وسلسلة، كما أن لقاء المستويات العليا بالدنيا في الهرم التنظيمي تعمل على إعطاء الزخم المعنوي والخبرات في العمل التنظيمي.
نفهم أن هناك ما يُعرف بــ "الجهل البريء" الذي ينتج مع عدم توفر البيئة التنظيمية السليمة، ولكن علينا إيجاد البدائل ولا تعدم البدائل لمن يريد ان يعلم ويعمل، لكي لا يتحول هذا الجهل البريء إلى تعوِّد وتكاسل وتواكل وجهل "إختياري" ينتج عنه التراخي والتجاهل، وعدم وصول الأكسجين النقي إلى خلايا الدماغ وتعريض سائر الجسم إلى الشلل اللاحق والموت البطيء، وهذه مسؤولية الجميع، لأن الحكمة التنظيمية تقتضي الإبداع في تحويل الفشل الى نجاح والتعثر إلى قوة والتراجع الى تقدم والسلبية الى إيجابية وصدق الله العظيم في قوله {يؤتي الحكمة من يشاء}. فالتنظيم الصحي أو الصحة التنظيمية مع الحكمة التنظيمية، هو صناعة الأعضاء وقوة النظام والالتزام به.
وأخيرا: إن وضع الأمور في نصابها، واحترام القيم والمسلكيات وتطبيقها، وإعطاء من يستحق ما يستحق، وإبعاد السلبيين والأنانيين والجاهلين والمتجاهلين وعديمي الانتماء الصادق، يعتبر وصفة علاجية تؤدي للاستجابة، وترتبط بالتشخيص الدقيق، إن التنظيم كأي تنظيم بحاجة ماسة إلى العقول المنفتحة والأفكار الإبداعية وأصحاب الهِمم، والاختيار الموفق.
ملاحظة: إن التعبئة الفكرية في التنظيم تعتبر العمود الفقري الذي يجعل من التنظيم سهل الحركة وقادرا على الصمود في وجه المتغيرات، فالتعبئة عبارة عن فقرات تثقيفية ومعرفية ونظامية وتاريخية وتحفيزية متلاصقة، وترتبط مع باقي أجزاء التنظيم لتشكل ما يعرف بالهيكل التنظيمي الناجح والمتقدم.