أخطأتم في العلاج - عمر حلمي الغول
لأن الرئيس محمود عباس ابو مازن تميز بصراحته الجارحة احيانا. أضف إلى ذلك أنه لم يقل لاحد يوما، ان كل ما اقوله او اتبناه مسلم به وغير مطروح للنقاش أو ان ما ألتزم به محل اجماع وغير قابل للنقاش والنقد.
ولكن تعامل الرفاق في الجبهة الشعبية مع سياسات الرئيس ابو مازن ليست إيجابية، وفيها نزوع نحو الاقصائية، وغياب الحس العقلاني تماما كما حصل مع الرئيس الراحل الرمز ياسر عرفات عندما توجه للقاهرة في اعقاب الخروج من بيروت بعد الاجتياح الاسرائيلي عام 1982، عندما وصفوه بالمنبوذ، وايضا عندما رفضت قيادة الجبهة توجه الرئيس الشهيد عرفات للامم المتحدة لالقاء كلمة امام الجمعية العامة عام 1974، وغيرها من المواقف الخاطئة والصبيانية.
ولا يمكن فهم قيام اعضاء الشعبية امس الاول بحرق صور الرئيس ابو مازن خلال تظاهرة في مدينة غزة بانه يندرج في نطاق اختلاف الرأي والتباين في الاجتهادات. ان حرق صور رئيس منظمة التحرير الفلسطينية يمثل عملا مشينا ومعيبا بحق العلاقات الاخوية بين الجبهة وحركة فتح، وبين الرئيس عباس والشعبية وبين الكل الوطني والشعبية.
وهو تصرف لا يخدم بحال من الاحوال العلاقات الوطنية. اضف الى ان الرئيس ابو مازن، هو محل اجماع وطني، وهو عنوان الشرعية الوطنية ورمزها. هناك سابقة تم فيها وقف صرف المخصصات المحددة للجبهة الشعبية، وتمت معالجتها بشكل ودي، حين قامت القوى الوطنية بما في ذلك قيادات من حركة فتح بالتحدث مع الرئيس ابو مازن، وتم علاجها دون توتير للاجواء الوطنية. لماذا إذا اللجوء للمراهقة والوقوع في مطبات تتناقض وروح الوطنية الفلسطينية؟ وأي مصلحة للشعبية في حرق صور الرئيس ابو مازن؟ واين هي الحكمة من وراء ذلك؟ ومن يقف معكم سوى زعران مليشيات حركة حماس، الذين منعوكم ومنعوا مؤتمر "وطنيون لانهاء الانقسام" بقيادة احد قياداتكم يوم السبت الماضي؟ والى متى ستبقون أسرى السياسات العدمية؟ وهل خرج الرئيس ابو مازن عن برنامج الاجماع الوطني؟ هل فرط بمصالح الشعب؟ ولماذا الان يخرج بعضكم يتفوه بعبارات صبيانية ومتهورة وغير مسؤولة؟ من حقكم تسجيل نقدكم لأي مواقف يتخذها الرئيس محمود عباس او قيادة فتح او اي مؤسسة وطنية لا تعجبكم او لا تتوافقون معها، ومن حقكم مقاطعة هذا الاجتماع او ذاك، ولكن ليس من حقكم حرق صور الرئيس محمود عباس، لانه عنوان الوطنية الاول.
ان الحكمة السياسية إن كان هناك شجاعة عند قيادة الجبهة الشعبية في الوطن والشتات، تملي عليهم الاعتذار للشعب ولحركة فتح وللرئيس ابو مازن فورا وقبل فوات الاوان. وموضوع عودة المخصصات يعالج في الاطر الوطنية، وبالضرورة سيكون الكل الوطني مع عودة الامور الى ما كانت عليه سابقا. آن اوان العودة للقاعدة الناظمة للعلاقات الوطنية: وحدة/ نقد/ وحدة.
لأن الوحدة الوطنية، هي الرافعة للوطنية الفلسطينية، والرد على كل القوى الداخلية والخارجية المتربصة بوحدة واهداف الشعب ومصالحه العليا. والتخلي مرة والى الابد عن المواقف الصبيانية.