العجز بين طرح الشعارات والتطبيق لتحقيق الاهداف - تمارا حداد
طوال اكثر من سبع عقود ونحن نعاني من تضخم في الشعارات الرنانة في حين نعاني من هبوط حاد في التطبيق ، ونعاني ايضا من عجز في التوازن بين الشعار والتطبيق ، فالأحداث الفلسطينية تتوالى وتزداد معاناة الشعب الفلسطيني يوم بعد يوم وفي كافة المجالات ان كانت اقتصادية او سياسية او اجتماعية او ثقافية ، او حتى على مستوى الاستيطان او قضية الاسرى ، وكلها تحدث جراء وجود الاحتلال الصهيوني .
فطيلة تلك السنوات ونحن نسمع شعارات عن طريق جماعات اعلنوا حضورهم بين اواسط المجتمعات بقوة خطابهم مستغلين عاطفة الشعب الفلسطيني وغباء البعض ، فالشعارات هي مجرد وسيلة او تكتيك سياسي لا اكثر ولا اقل لخداع الناس وتطويعهم والتحكم بهم .
فالمتابعون للقضية الفلسطينية يشعرون ازاء الوضع الراهن بالإحباط البالغ لأنهم يعلمون ان جميع الشعارات والعواطف لا تخرج عن دائرة الهموم الكلاسيكية المعتادة التي سأم منها الشعب الفلسطيني ، فهي شعارات مجرد كلام للاستهلاك الاعلامي وكأنها مواد استهلاكية تباع في سوق الحسبة . ونصوص جوفاء كالقرع الذي جف لبه فلا فائدة منه سوى الزينة دون جوهر حقيقي .
انا اجزم انه لا يوجد منافس ينافس الدول العربية في تأليف الشعارات السياسية وتلحينها وغنائها وتوزيعها ومن ثم اسقاطها او لفظها ككلب يلعق عظمة ثم يلفظها ، وكعلكة تعلك في الفم ثم تلفظ وترمى في مزابل النفايات كذا الشعارات . لو جمعنا اليافطات والصور والأقمشة والأوراق التي وزعتها الفصائل وغيرها من الحركات لفاقت الجبال والهضاب ، لو استثمروا تلك الاقمشة لستر جوع الفقراء لكان ذلك افضل وأعظم اجرا وثوابا .
كل الشعارات ضحك على اللحى وذر الرماد في العيون هي مجرد ستر للعورات والعيوب ، ومنهجا املائيا بحتا ، ونصوص انشائية يزركش ظاهرها الوان زاهية بينما جوهرها اسود قاتم ، فالشعار الذي لا يطبق لا حياة فيه ولا روح بل جماد لا جدوى منه ، فالشعارات كالعرض والطلب يتناسب طرديا مع الكذب والنفاق ، وادلجة العقول حسب عاطفتهم وليس عقولهم .
فالعبارات في المحافل الاعلامية التي لا يصحبها اليات عمل وبرامج تطبيق لا يعول عليها ولا ترتقي لتضحيات الشهداء والأسرى والجرحى ، هنا يكمن الفرق بين المجتمع الغربي والمجتمع العربي فهناك شتان بينهما ، فالغربي مطابخ ادمغتهم للتحليل والتفكير والتصنيف ، اما العربي مطابخ ادمغتهم فقط للتلقين كأنه الة نسخ تطبع ما يقال .
نؤمن بالفكرة ولكن نقتنع بالفعل والعمل ، فالتغيير الجذري اذا ما صاحبه منهجا عمليا فهو كأضغاث احلام لا يخرج عن منطق العاطفة وكأنه يسري في ادراج الهواء المنثور . فمتى سيأتي انتهاء مواسم الشعارات ؟ لينتقلوا الى مرحلة التطبيق الفعلي يلازمه اتباع القوانين الدولية لصالح الشعب الفلسطيني ولصالح حريته ؟