الرهان على مصر - حافظ البرغوثي
مهما حاولت الدول العربية التأثير في الساحة الدولية دون مصر فانها لن تنجح، حيث ان مصر القوية هي الضمانة الوحيدة للتأثير العربي على الساحة الدولية، ولعل غياب مصر خلال العقود الاخيرة أباح المنطقة لكل من هب ودب من الدول كبيرها وصغيرها ومرتزقتها وميليشياتها. حتى باتت الارض العربية قاعاً صفصفا، وباتت الثروات العربية تصرف على الفتن والحروب، وستكون محجوزة على مدى عقود مقبلة لاعادة اعمار ما دمرته الفتن والحروب الحالية. كانت مصر والشام عبر التاريخ حجر الزاوية لأي موقف عربي بناء وكان العراق رديفا لهما.. أما وقد سقط العراق تحت براثن الغزاة الذين سلموه للميليشيات الطائفية سواء كانت شيعية او سنية، فانه سقط من حساب القوة العربية وكذلك بلاد الشام التي تعاني أبشع حرب داخلية وخارجية عبر التاريخ، وتبقى مصر هي الصامدة أمام التحديات والمؤامرات، واذا استطاعت دول الخليج ان تبني موقفا موحدا مع مصر فبالامكان البناء على قاعدة قادرة على الصمود وانقاذ ما يمكن انقاذه من الارض والكرامة العربيتين، واعتقد ان التردد الخليجي في دعم مصر كاستراتيجية ثابتة أدى الى تضعضع الوضع العربي ككل، لأن تركيا لن تكون بديلا لمصر مع ان تركيا بوسعها ان تكون أكثر ايجابية تجاه العرب اذا خرجت من أحادية النظرة الى العالم العربي كفريسة قيد التفتيت، فالمستقبل هو لتكاتف المشرق بحكوماته الدينية والعرقية والمذهبية لكي يصمد؛ لأن العالم الغربي لا يقدس لا دينا معينا ولا مذهبا ولا عرقا، بل مصالح معينة، ومصر القوية بامكانياتها البشرية وثرواتها الظاهرة على الارض والجاري كشفها في البحر والدلتا والصحراء الغربية من نفط وغاز ستكون القوة العظمى على مدى أقل من عشر سنوات. مصر ستكون القوة المحورية ليس في المنطقة بل في العالم ومن يراجع ارقام الاستثمارات الصينية والروسية يكتشف ان روسيا والصين تراهنان بقوة على المستقبل المصري فالاستثمارات العربية المكدسة في الولايات المتحدة تزيد على 1500 مليار دولار بينما الاستثمارات في مصر لا توازي ما تستثمره روسيا والصين فيها.. راهنوا على مصر القوية وليس على غيرها حتى لا تخسروا أنفسكم.