المجد للعمال البواسل - عمر حلمي الغول
في الاول من ايار كل عام تحتفل البشرية من اقصاها إلى اقصاها بعيد العمال العالمي، الذين احتلوا في التاريخ مكانا مهما في نقل البشرية إلى مراحل متقدمة من التطور العاصف. ولولا جهودهم وعطائهم ما كان للعالم ان يصل إلى ما وصل إليه من إنجازات ورقي حضاري على المستويات كافة. للعمال الفلسطينيين قصة شابهت قصص عمال الدول، التي خضعت للاستعمار الاجنبي في القرن الماضي، وانتصرت عليه بالانعتاق والتخلص منه. غير ان عمال فلسطين مازالوا يخضعون للاحتلال الاسرائيلي الكولونيالي الاحلالي الاجلائي، هذا الاحتلال الذي عمق عملية الاستغلال القومي والاجتماعي لهم، وضاعف من نسب البطالة في صفوفهم نتيجة الحصار المفروض على محافظات الجنوب، والحواجز العسكرية والتعطيل لحركتهم بين المحافظات ومن والى اماكن عملهم، والاعتقالات والاجتياحات المتكررة، وبفعل الممارسات والانتهاكات العنصرية ضدهم، بالاضافة لحرمانهم من ابسط الحقوق المطلبية. كما ان العمال الفلسطينيين في محافظات الوطن، يعيشون اوضاعا صعبة نتاج عدم تطبيق الحد الادنى للاجور، ووجود ممارسات من قبل اصحاب العمل والرأسمال الوطني غير ايجابية، تصل إلى حدود استغلال معقدة، واحتيال على القوانين. اضف الى غياب التأمين على حياة العمال، وتشغيل الاطفال في العمل الاسود دون الالتفات لابسط معايير وقوانين العمل الوطنية والاممية، واستغلال المرأة على مستويين: اجور العمل وطبيعة العمل، حيث يتم ابتزازهن نتاج الحاجة للقمة العيش، ما يدفعهن لتقديم تنازلات لصالح صاحب العمل. هناك اشكال واساليب متعددة من الاستغلال الطبقي للعمال بسبب غياب الرقابة من قبل جهات الاختصاص الرسمية والاهلية، ونتاج الاحتيال والالتفاف على القوانين والمعايير النقابية عبر عقود عمل وهمية لا اساس لها في الواقع. ولا تقتصر عملية الاستغلال للعمال على دولة الاحتلال الاسرائيلية واصحاب العمل الفلسطينيين في محافظات الوطن الشمالية والجنوبية او في داخل الداخل، بل ان العمال في الشتات يعانون من عمليات استغلال غير مسبوقة خاصة العمال من ابناء فلسطين في مخيمات لبنان وسوريا بعد تدهور الاوضاع فيها، وان كانت عمليات الاستغلال في لبنان، هي الاكثر بشاعة، لان الدولة اللبنانية تحرم العمال من العمل في حوالي تسعين مهنة ومجال عمل، وتحرمهم من ابسط الحقوق الانسانية، وهو ما يتعارض مع مواثيق وقوانين العمل العربية والدولية. رغم ذلك، عمال فلسطين لعبوا، ومازالوا دورا مهما في الدفاع عن مصالحهم وحقوقهم الاجتماعية المطلبية والسياسية. ولم يتوانوا عن القيام بالمهام الوطنية، وتغليبها على القضايا الخاصة. لا سيما وانهم كانوا على مدّ عُّمر الثورة الفلسطينية المعاصرة النواة الصلبة في حمل رايتها، والدفاع عن اهدافها التي هي اهدافهم، وتخندقوا جنبا الى جنب مع كل المناضلين من مختلف الطبقات والشرائح والفئات الاجتماعية الفلسطينية والعربية والاممية، الذين انخرطوا في صفوف فصائل منظمة التحرير الفلسطينية ولاحقا القوى الاسلامية، التي استقطبت قطاعات واسعة منهم في صفوفها. في يوم وعيد العمال العالمي اتوجه لقادة الاتحادات العمالية الفلسطينية بالعمل الدؤوب لانجاز الوحدة، وطي صفحة الانقسام، وتوحيد الطاقات والجهود مع وزارة العمل لانصاف العمال وحماية حقوقهم ومصالحهم المطلبية. ومضاعفة الرقابة على اصحاب العمل والمصانع للتدقيق الفعلي في الانظمة المعمول بها، ومراقبة توافقها من عدمه مع قوانين العمل الوطنية والعربية والاممية. وكل عام والطبقة العاملة الفلسطينية والعربية والعالمية بخير. والمجد للعمال البواسل، الذين لم يهادنوا في الدفاع عن حريتهم واستقلالهم واستقلال شعبهم الفلسطيني.