حماقة بعض الأزواج ..تمارا حداد
آثر الله سبحانه وتعالى الزوجة بمفاتيح جمة لجلب السعادة على أسرتها ، وحباها بمعطيات كثيرة . وكثيرا ما تكون سبب السعادة في البيوت الناجحة ، وممكن أن تكون سبب الشقاء في البيوت التعيسة . والزوجة الصالحة هي التي تستوعب زوجها وتتغاضى عن الزلات وتقبل العثرات ، وما يقال عن الزوجة الصالحة التي تغمر حياة الأسرة بالفرحة والبسمة يقال عن الزوج الصالح . ففي المنازل السعيدة المستقرة لا يتواجد
في قواميسهم لفظ الضرب ولا مشتقاته سواء من الزوج أو العكس . ولكن بعض المنازل الاخرى تجد الزوج احمقا نتيجة جهله وعصبيته وحقده وبخله الى ان تتطور تلك الحماقة الى جنون لتتحول الحياة الزوجية الى جحيم لا يطاق فلا يوجد حلول إلا الصبر من اجل الاولاد او الطلاق .
إذ كيف يضرب الزوج زوجته أو تضرب الزوجة زوجها وهو جزء منها وهي جزء منه . فيحدث هذا الضرب في ظل غياب التوجيهات الإسلامية وغياب الضمير الحي وغياب المفاهيم الصحيحة عن معنى الأسرة والرجولة والسعادة والقوامة . وغياب المنظومة الثقافية والتربوية . فالضرب منتشر في المنزل الذي يغيب عنه لغة الحوار والتفاهم بين الزوجين . فظاهرة ضرب الزوجات من الظواهر المنتشرة في العالم التي تشكل صورة من صور العنف ضد الزوجات . فمعظم النساء يعشن تحت وطأة حرب نفسية وكلامية وقد تتعدى تلك الاهانة الى ضرب الرجل لزوجته نتيجة ضعفه وحماقته او من اجل تنفيس غضبه من عمله على زوجته ، لتصبح حياتها خاوية من أي عواطف ومشاعر والتي ترجوها كل زوجة من زوجها . ولهذا السبب نرى الكثير من الزوجات يخرجن من بيوتهم من اجل البحث عن الحب والحنان والتي لا تجده في بيتها الطبيعي .
ما هي الأسباب التي تدفع الزوج لضرب زوجته؟
المفاهيم الغير صحيحة الخاصة بالرجولة والتي يعتبرها الرجال أن الكلمة كلمته ومشورته . فبعض الرجال يعتقدون أن الزواج يعني شراء زوجة لتقوم بدور تحضير الوجبات وتنظيف المنزل وإشباع رغبات جسدية وتربية أطفال . وليس زوجة تشاركه الواجبات والحقوق والأدوار التي يقومون بها في خضم هذه الحياة.
ومن الأسباب التي تدفع الزوج ضرب زوجته إحساسه بالدونية فقد يشعر الزوج اقل من زوجته بالذكاء أو الإمكانيات المادية أو الاجتماعية فلا يجد هنا سوى القوة الجسدية ليثبت انه أقوى في حين انه عاجز عن مواصلة الحوار معها وغير قادر على مقاومة الفكرة بالفكرة.
وبعض الرجال يعشن غيرة هوجاء فيلجأ الى الضرب كوسيلة لإرضاء النقص الذي يعاني منه ، فالإنسان الناقص يعاني من نفسه اكثر مما يعاني منه غيره ، والذي يؤدي الى فرار المقربين من ليصبح منبوذا ومهمشا من بيته ومجتمعه .
كذلك هناك سبب يتمثل بالقدوة ربما تربى الزوج في أسرة شاهد والده يمارس هذا الأسلوب العنيف مع والدته فالدراسات أثبتت أن الإنسان يتبع نموذجا معينا في حياته وهو التقليد لما يشاهده في فترة طفولته .
ظاهرة الضرب عند الرجال هو سلوك يعلم ويكتسب ومجرد انه دفع المهر اصبحت المرأة كأنها سلعة بيده . والذي يعزز ظاهرة العنف هو صمت المرأة لخوفها من المجتمع وقضية العيب في نومها خارج منزلها وضرورة عودتها الى بيت زوجها الذي يساهم في زيادة العنف وهذا الشيء لا يردع الرجل لعدم وجود قوانين دستورية او اجتماعية .
واللواتي يعانين من الضرب هن النساء المتعلمات والناجحات وذلك يكشف سلطوية الرجل على المرأة . والمجتمع الفلسطيني يعاني من هذه الظاهرة بشكل مستمر . رغم التطور إلا ان المتوارث والعادات هي السائدة والأدهى من ذلك تجد ان المتعلم هو من يتبع هذه الطريقة .
ماذا تفعل الزوجة عندما يضربها لأول مرة؟
يجب ألا تلتزم بالصمت فكسر الصمت تجاه العنف الذي يمارس ضدها . وان يكون هناك وعيا مجتمعيا لهذه الظاهرة للحد منها . وان يكون للمؤسسات الاعلامية والدينية والتعليمية دورها في التوعية وان نعود لأفضل عاداتنا وديننا وخصوصا احترام المرأة لان اكبر غلطة يمكن أن ترتكبها في حق نفسها هي أن تسكت لأنها بهذا السلوك السلبي تثبت في ذهنه فكرة انه يمكن أن يملي عليها رأيه بالقوة فيزداد إيمانه بالضرب بأنه وسيلة إسكات الزوجة لإجبارها لطاعته . الشيء الوحيد هو تصعيد الموقف وكل تبريرات الزوجة مرفوضة كأن تقول بأنه مضغوط من العمل . عليها مناقشة الموضوع مع زوجها بكل وضوح ، إذا لم ينفع معه ذلك أن تلجا لأهلها أو لأهله تعتبره مناسب لهذه الأمور وحلها بالتفاهم والحوار.
الآثار النفسية التي يتركها الضرب في نفس الزوجة؟
الضرب يترك شرخا فظيعا في نفس الزوجة وتؤثر على العلاقة الزوجية ويصعب بعد ذلك استقامة العلاقة من جديد . والمرأة التي يتبع معها اسلوب الضرب يستحيل ان تكن لزوجها أي احترام وإنما ستبقى في عقر دارها فقط لأجل اولادها ، وقد نجد بعض النساء يخرجن من البيوت باحثة عن الحب الذي تفتقده في بيتها . الوسيلة الوحيدة لوقف هذا النوع من العنف ضد الزوجات هو التربية وتعليم الأطفال معنى المودة والرحمة بين الجنسين في الحياة الزوجية لكي يشبوا على هذه المبادئ طوال حياتهم .