الانتحار بالدراجات - عزت دراغمة
خيل لنا ونحن في طريقنا من مدينة جنين عبر الشارع الموصل إلى الجامعة الفلسطينية – الأميركية للوهلة الأولى أننا تائهون ووقعنا في ملاحقة ما، ما أصابنا الفزع والرعب ومراكب الدراجات النارية التي يمتطيها صبية وفتيان يقفزون بدراجاتهم على أرصفة الطريق الجاري سفلتتها وصيانتها. قيل لنا ربما يكون المشهد سباق دراجات نارية ربما نظمته أو أعدت له جهات ومؤسسات رياضية أو مجتمعية في المنطقة، وما إن طلت علينا مباني الجامعة وإذا بعدد آخر من الدراجات كاد سائقوها يقعون ضحية لجهلهم وعدم تدربهم بشكل قانوني على قيادتها في مجزرة لا تحمد عقباها لا سمح الله.
هناك وفي الجهة الجنوبية على الطريق المؤدي إلى قرى جلقموس وأم التوت والمغير كان عدد من الفتية يتربعون بالقرب من نحو ثماني دراجات أخرى وبدا كأن خللا ما أصاب دراجاتهم، أو أنهم بانتظار رفاقهم الذين ما زالوا يزحفون إلى المنطقة، وفي الأحيان تحول موضوع حديثنا إلى الحدث الأبرز وهو المشهد المرعب إلى أن وصلنا خبر مفاده أن عشرات المواطنين في جنين نظموا مسيرة احتجاجية ضد ظاهرة فلتان الدراجات النارية في المحافظة ومنطقة شمال الضفة، وهو ما أثلج قلوبنا وصدورنا إذ قيل لي ان الأجهزة الأمنية ومسؤولي المحافظة والبلدية والمؤسسات المدنية أثارهم ما أرعبنا من مشاهد، فحمدنا الله والأصدقاء الذين معي على سرعة معالجة الأمر قبل وقوع المحذور.
إن مثل هذه الظواهر –ظاهرة الانتحار بالدراجات- تحتاج إلى معالجة حثيثة ودقيقة يستوجب البدء فيها من نقطة الصفر أو البداية، والمقصود هنا ليس باعة وتجار الدراجات أو مستوردوها فحسب بل من يقودونها، وهنا دور جهاز شرطة المرور الذي يسرنا مع شروق كل صباح رجاله وهم ينظمون السير ويسارعون لتأمين مسير طلبة المدارس والمشاة والمركبات بشكل حضاري يعكس مدى الوعي الثقافي والإنساني والوطني لديهم، لا سيما وهم يحيون أسبوعا وطنيا رياديا في الوطن، وبالتالي فان ولاة الأمور مطالبون قبل غيرهم لمتابعة أبنائهم وحمايتهم ليس فقط من خلال توفير احتياجاتهم، بل الاحتياجات الضرورية والملحة، وهنا لا بد من التأكد إن كان أبناؤهم اهلا لقيادة الدراجات بشكل قانوني ام لا، كما أن المجتمع المحلي الذي هبت أعداد كبيرة منه للاحتجاج على هذه الظاهرة مطالب ليس فقط بقرع الجرس بل وفي تنظيم حملات توعية اجتماعية ومسلكية وثقافية شاملة لمناحي الحياة.