" في ذكرى النكبة الثامنة والستين مازالت الارض تتكلم عربي " - فراس الطيراوي
بادءَ ذي بدء في ذكرى النكبة الثامنة والستين سنردد ونقول ماقاله شاعرنا الفلسطيني صبحي ياسين.
شموعُ الأرضِ يا جلادُ لا تركعْ / وإنْ تَفْقَأْ عيونَ الطـــفلِ أو تَقلعْ / فَخُذْ ما شِئْتَ من جسدي
وَكُلْ ما شِئتَ من كَبِدي / ومَزِّقْ طفلَنا إن شئتَ بالمدفعْ / فلن نركعْ / فإنْ مَرّتْ جَحافِلُكمْ / وإنْ زَخّتْ قَنابِلُكمْ / وإنْ ضاقتْ زَنازِنُكمْ / فلن "نَمْشي" على أربعْ ولن نركعْ / فَمِنْ جرحي شموسُ الأرضِ يا جلادَنا تَسْطَعْ / ومن أَلَمي ورودُ الأرضِ يا سيافَنا تطلعْ / فإن تحرقْ وإن تَشنقْ
وإن تَقلعْ وإن تَقطعْ / فلن نركعْ / فَقُلْ ما شئتَ عن أرضٍ زرعناها بأكبادٍ جَبَلْناها /حََفَرْنا -إسمَها- في جبهةِ الشمسِ رسمناها.. كتبناها.. رصفناها إلى بوابةِ القدسِ / فلو مرتْ سيوفُ القهرِ من حَلْقي /ولو دسّوا جحيمَ الكونِ في عِرْقي / فلن تَقْوى على حقي لأن الحقَّ من أحداقِنا يَسطعْ /فلن نركعْ.
ففي ذكرى النكبةِ الثامنةِ والستينَ رغم َالآلامِ ، والجراحِ ، والتشريدِ واللجوءِ في كلِ بقاعِ الأَرْضِ إلا اننا مؤمنونَ وايماننا راسخٌ كرسوخِ الجبالِ والصخورِ، بأننا عائدونَ الى حيفا، ويافا ، وعكا ، واللد ، والرملة، وتل الربيع، وصفد، وبيسان ، وكلِ فلسطينَ من اولِ حبةِ ترابٍ حتى اخر حبة ِ. فهذا الكيان المصطنع لابد له ان يزول في يوم من الأيامِ فهذا عهد ٌووعدٌ ممن خَلَقَ السمواتِ والأرضَ ... وكيانُ الاغتصابِ نفسُهُ يعرف ذلك وان كل َ ما يقومُ به ِ إنما هو مؤقتٌ لا ديمومةَ له، كونُهُ يسيرُ في خطواتٍ نحوَ الغروبِ ، والانكسارِ والانحسارِ، اما صاحبُ الأَرْضِ والتاريخِ يسيرُ بخطىٍ ثابتةٍ نحوَ الشروقِ والانتصار.
فغَداةِ النكبة الاليمة قال احد مؤسسي الكيان الصهيوني مقولَتَهُ الشهيرة "الكبارُ سيموتون والصغارُ سوفَ ينسون " لقد سقطَ هذا الرهانُ وهاهي النكبةُ تدخلُ عامها الثامنَ والستين، وإذا كان الكثيرونَ من الكبار قد ماتوا فان اجيالَ الصغارِ جيلاً بعدَ جيل، لم تنسى ولن تنسى، ومازالوا مستمرينَ في الكفاحِ والنضالِ حتى تحريرِ كامل التراب الفلسطيني والعودة فهذا الحق ثابتٌ راسخٌ غير قابلٍ للتصرفِ، ولا يملكُ أحدٌ حق ِالتنازلِ عَنْهُ والمساسَ به في اي حالٍ من الأحوال وتحت اي ظرف من الظروف. فالفلسطيني مرتبطٌ بهذا الحقِ كإرتباطِ الشريانِ بدمه، والقلبِ بنبضهِ، والجسدِ بروحهِ .. فان النكبةَ ذاكرةُ شعبٍ وذاكرةُ وطنٍ لا تقوى الأيامُ على إطفاءِ شعلتها مهما اشتدت اعاصيرُ التحدياتِ وطال الزمن رغم كل الإرهاصات والاستيطان وجدار الفصل العنصري، والقتل، والسجن، والسجان لن تسطيعَ دولةُ الأبرتهايد القضاءِ على روحِ المقاومةِ، وارادة العودة، ولن تقوى على إطفاءِ شمسِ الغدِ، فمهما تفننِ الغاصبُ في قمعهِ للإنسان الفلسطيني ، ومهما حاولِ تغيبَ حاضرهِ فانه لن يكونَ قادراً على محو الماضي، او سرقةِ المستقبلِ فالمستقبلُ حتماً سيكونُ للثوارِ ولصاحبِ الحقِ و الدارِ الذي مازالَ يحتفظُ بمفتاحهِ وهذا المفتاحُ هو رمزُ الإصرارِ على العودةِ ويتناقل من جيل الى جيل فهو أمانة في الاعناق من الاجداد الى الأبناء والأحفاد، ولا احد سيخون هذه الأمانة لأننا دفعنا من اجلها الكثير من دماء الشهداء الابرار، وأنين الجرحى الأبطال، وآهات وعذابات الأسرى البواسل في الباستيلات.
وفي حسن الختام سأختم بهذه الأبيات للشاعر " حسن البحيري" سأرجعُ مهما ترامى البعيدُ ... ومهما توالت دجى الأزمنِ ... لأحْمل ارضكِ بين الضلوعِ ... والثمَ تربك بالأجفن ... وان وقفت شامخاتُ الجبالِ ... امام رجوعي الى موطني... فهمةُ روحي لن تنثني ... وهامةُ عزمي لن تنحني.
المجد والخلود لشهدائنا الابرار .. والحرية لأسرانا البواسل .. والشفاء العاجل لجرحانا الأبطال والنصر لشعبنا العظيم.